منذ عام 2011، سعى الناشطون الحقوقيون السوريون إلى محاسبة الرئيس السوري السابق بشار الأسد وكبار مسؤولي نظامه على انتهاكاتهم الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. وبينما ظل النظام صامدًا في دمشق، تركزت الجهود على متابعة الإحالات إلى المحاكم الدولية أو المحاكمات في دول – معظمها غربية – تمتلك اختصاصا قضائيا عالميا بخصوص فئات معينة من الجرائم. ومع سقوط النظام في سوريا في كانون الأول/ديسمبر 2024، تزايدت الدعوات، لأسباب واضحة ومشروعة، لمحاكمة الأسد وكبار المسؤولين السابقين في سوريا حيث ارتُكبت الجرائم وحيث لا يزال معظم الضحايا موجودين.
إن نجاح جهود المساءلة لا يعد ضروريا من منظور العدالة فحسب، بل هو أساسي أيضا للحد من إغراء دورات الانتقام وضمان نجاح الانتقال السياسي. ومع ذلك، يبدو أن العديد من كبار مسؤولي النظام قد فروا من سوريا في الأسابيع الأخيرة، مما يثير تساؤلات حول امكانية تسليم هؤلاء المشتبه بهم لمحاكمتهم في سوريا. كما يبرز تساؤل آخر حول ما يجب القيام به بشأن الإجراءات القضائية القائمة بالفعل ضد المشتبه بهم السوريين المقيمين في الخارج، وما إذا كان ينبغي نقل هذه الإجراءات وأي مشتبه بهم محتجزين إلى سوريا.
يحاول هذا المقال الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال دراسة الأطر القانونية في بعض البلدان التي قد يكون المشتبه بهم قد فروا إليها، وتقييم قدرة النظام القانوني السوري على إجراء محاكمات تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. ويرى أن الخطوة الأساسية في تعزيز المطالبة بتسليم المشتبه بهم إلى سوريا هي ضمان تخلي النظام القضائي السوري الجديد عن التعذيب وتعزيز سيادة القانون. ويعترف التقرير بالتحديات التي تواجه النظام القانوني الحالي في سوريا – والسجل القضائي الرهيب لحكام دمشق الجدد – ويقترح عملية مختلطة محتملة تضمن الملكية السورية للعملية مع توفير ضمانات دولية للإجراءات القانونية الواجبة.
أولاً: القانون الدولي وواجب التسليم
لا ينشئ القانون الدولي واجباً مطلقاً بالتسليم. إذ يعتمد الالتزام القانوني بالتسليم على وجود اتفاقيات تسليم ثنائية أو على بعض المعاهدات الدولية التي تنص على واجب التسليم، أو تلزم بمحاكمة أو التحقيق في جرائم معينة. ومن الأمثلة على هذه المعاهدات: اتفاقيات جنيف لحماية ضحايا الحرب، واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بالإضافة إاى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية. وتفرض اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، التي تضم 192 دولة طرفاً - بما في ذلك لبنان والإمارات العربية المتحدة والأردن والمملكة العربية السعودية والعراق، وجميعها تأثرت بالاتجار بالمخدرات السورية - التزاماً بالتسليم في قضايا الاتجار بالمخدرات.
وفي الوقت نفسه، يحظر القانون الدولي تسليم المجرمين في بعض الحالات. على سبيل المثال، يحظر قانون حقوق الإنسان تسليم المجرمين إلى الدول التي تمارس التعذيب. تنص اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في مادتها 3-1 على أنه:
لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده ("ان ترده") أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، اذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب.
علاوة على ذلك، فإن تسليم المجرمين إلى دول تطبق عقوبة الإعدام محظور في العديد من الدول، لا سيما في أوروبا.
ومع ذلك، فإن استحالة التسليم خوفًا من التعذيب لا يعني أن يكون ذلك بمثابة درع من الملاحقة القضائية. وتدعو اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب نفسها الدول التي قد لا ترغب في تسليم مشتبه به متهم بارتكاب التعذيب إلى ”عرض القضية على سلطاتها المختصة بغرض الملاحقة القضائية“ (المادة 7-1).
ثانيًا: معاهدات تسليم المجرمين مع سوريا للبلدان التي فرّ إليها العديد من المشتبه بهم
انتقل المشتبه في ارتكابهم جرائم دولية خطيرة في سوريا إلى بلدان مختلفة حول العالم. وفي السنوات السابقة، انضم بعض الجناة إلى موجة اللاجئين السوريين، مما أدى إلى وصولهم بشكل رئيسي إلى دول الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا ) والسويد. ومنذ سقوط النظام، أفادت تقارير بأن كبار المسؤولين في النظام السابق سافروا إلى دول كانت حليفة مقربة من النظام أو إلى أماكن حيث يمتلكون مصالح تجارية. وفي الوقت نفسه، تشير تقارير إعلامية غير مؤكدة إلى أن العديد من رجال النظام الأقوياء سافروا إلى لبنان، والإمارات، والعراق، وليبيا.
روسيا
نقلت وكالة الأنباء الروسية المملوكة للدولة ”تاس“ عن مصادر غير مسماة في الكرملين أن روسيا قد منحت بشار الأسد حق اللجوء لاعتبارات إنسانية.
ومع ذلك، ليس من الواضح على أي أساس قانوني منحت روسيا الأسد حق اللجوء. وفقا لاتفاقية اللاجئين لعام 1951، التي تعد روسيا طرفًا فيها، فإن أحكام الاتفاقية لا تنطبق على أي شخص توجد أسباب جدية للاشتباه في ارتكابه جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية. ومع ذلك، يبقى القرار بيد النظام القانوني المسيّس في روسيا لتحديد ما إذا كانت هناك أسباب جدية للاشتباه في ارتكاب الأسد – الحليف المقرب السابق لموسكو – لأي من هذه الجرائم.
وسواء منحت روسيا الأسد وضع اللاجئ الكامل أو لجوءا مؤقتا لأسباب إنسانية، يبدو من غير المرجح أن تسلم روسيا حليفها السابق إلى سوريا. وعلى الرغم من أن أي قرار مستقبلي بشأن تسليم الأسد سيكون على الأرجح ذا طايع سياسي، يمكن لروسيا أن تستند إلى العديد من المعاهدات الدولية التي هي طرف فيها، ولا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، لتبرير اتمنعها عن تسليم الأسد أو غيره من كبار مسؤولي النظام إلى سوريا لأنهم قد يتعرضون لخطر التعذيب. ومع ذلك، تبقى روسيا ملزمة بموجب القانون الدولي بالتحقيق في الجرائم المنسوبة إلى الأسد.
السويد
ينظم قانون تسليم المجرمين في الجرائم الجنائية (1957:668) شروط تسليم المجرمين من السويد إلى دولة خارج الاتحاد الأوروبي. ) يتطلب هذا القانون من أي دولة تسعى لتسليم شخص ما تقديم طلب رسمي إلى السلطة المركزية السويدية مرفقًا بتقرير التحقيق الذي يستند إليه طلب التسليم.
ويحدد قانون تسليم المجرمين عدداً من الحالات التي لا يجوز فيها التسليم:
- حظر تسليم المواطنين السويديين.
- عدم جواز الحكم على الشخص الذي يتم تسليمه بعقوبة الإعدام بسبب الجريمة.
- أن يكون الفعل الذي يُطلب التسليم من أجله مطابقاً لجريمة يعاقب عليها القانون السويدي بالسجن لمدة سنة أو أكثر.
- في حالة رفض الشخص التسليم، تُعرض القضية على المحكمة العليا للنظر فيما إذا كان يمكن منح التسليم قانوناً بموجب الشروط التي ينص عليها القانون.
- عدم جواز الموافقة على التسليم في الجرائم العسكرية (عادةً ما يُفهم منها مجرد المشاركة في مهام عسكرية) أو الجرائم الناشئة عن نشاط سياسي مشروع.
- عدم جواز التسليم إذا كان هناك سبب للخوف من أن يتعرض الشخص لخطر الاضطهاد - بسبب أصوله العرقية أو انتمائه إلى مجموعة اجتماعية معينة أو معتقداته الدينية أو السياسية – إو لخطر يهدد حياته أو حريته، أو إذا كان يتسم بخطورة من نواحي أخرى.
- لا يجوز الموافقة على التسليم إذا كان التسليم يتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية، على سبيل المثال، مراعاة صغر سن الشخص أو الحالة الصحية للشخص.
- من حيث المبدأ، لا يجوز الموافقة على التسليم إذا كان قد صدر حكم على نفس الجريمة في السويد.
- لا يجوز الموافقة على التسليم إذا كانت الجريمة قد سقطت بالتقادم بموجب القانون السويدي.
ألمانيا
ينظم قانون المساعدة الدولية المتبادلة في المسائل الجنائية تسليم المجرمين من ألمانيا. وفقًا للقانون:
- لا تقوم ألمانيا بتسليم مواطنيها؛ ومع ذلك، فإن تسليم المجرمين ممكن داخل الاتحاد الأوروبي والمحاكم الجنائية الدولية.
- لا يُسمح بتسليم المجرمين إلا إذا كانت الجريمة أيضًا فعلًا غير قانوني بموجب القانون الألماني ويعاقب عليها القانون الألماني بعقوبة السجن لمدة سنة واحدة على الأقل.
- لا يُسمح بالتسليم إذا كانت الملاحقة القضائية أو التنفيذ محظورة بموجب القانون الألماني أو مستبعدة بموجب قانون الحصانة الألماني.
- إذا رفض الشخص المطلوب التسليم، يتعين على المحكمة الإقليمية العليا أن تقرر ما إذا كان التسليم مسموحاً به.
- لا يُسمح بالتسليم في الجرائم التي تشكل إخلالاً بالواجبات العسكرية فحسب.
- إذا كانت الجريمة يعاقب عليها بعقوبة الإعدام بموجب قانون الدولة الطالبة، فلا يجوز التسليم إلا إذا قدمت الدولة الطالبة ضمانة بعدم فرض عقوبة الإعدام أو عدم إنفاذها.
- ولا يجوز التسليم إذا كان قد صدر بالفعل حكم نهائي على الشخص الملاحق في دولة عضو أخرى عن نفس الجريمة التي أدت إلى تقديم الطلب، شرط أن تكون العقوبة قد نفذت بالفعل في حالة الإدانة، أو يجري تنفيذها أو لم يعد من الممكن تنفيذها بموجب قانون الدولة التي صدر فيها الحكم.
الدول العربية
سورية دولة طرف في اتفاقية تسليم المجرمين بين دول جامعة الدول العربية (1952)، التي تنظم تسليم المجرمين بين الدول العربية:
- التعهد بالتسليم: تتعهد كل دولة من دول الجامعة العربية الموقعة على هذه الاتفاقية تسليم المجرمين الذين تطلب إليها إحدى هذه الدول تسليمهم وذلك طبقا للشروط المنصوص عليها في هذه الاتفاقية.
- التسليم: يكون التسليم واجبا إذا كان الشخص المطلوب تسليمه ملاحقا أو متهما أو محكوما عليه في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة الثالثة إذا ارتكب هذه الجريمة في ارض الدولة طالبة التسليم.
يُشتبه في أن العديد من مسؤولي النظام السوري قد فروا إلى لبنان أو عبروا منه. ويعتبر لبنان دولة طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية. وبموجب هاتين الاتفاقيتين، يُطلب من لبنان إما تسليم المشتبه بهم أو إحالة القضية إلى سلطاته المختصة لمحاكمتهم.
كما أبرم لبنان وسوريا العديد من الاتفاقيات الثنائية قد تكون ذات صلة بتسليم المشتبه بهم في الجرائم أو التحقيق معهم أو محاكمتهم، بما في ذلك الاتجار بالمخدرات، وتسليم المجرمين وتنفيذ الأحكام الجزائية التي تنظم تسليم المشتبه بهم بين سوريا ولبنان.
تنصّ المادة 1 من اتفاقية تسليم المجرمين على ما يلي: يتمّ تسليم الأشخاص بين لبنان وسوريا وتنفيذ الأحكام الجزائية الصادرة عن السلطات القضائية لأي من الدولتين في أراضي الدولة الأخرى وفقاً لأحكام هذا الفصل.
المادة 2: يجب أن يتم التسليم إذا توافرت الشروط التالية:
أ. إذا كان الشخص المطلوب ملاحقاً أو متهماً أو محكوماً عليه في جريمة جنائية يعاقب عليها بموجب قانون الدولة الطالبة، أو ملاحقاً أو مشتبهاً في ارتكاب جنحة تستتبع، بموجب قانون الدولة الطالبة، عقوبة الحرمان من الحرية لمدة تزيد على سنة، أو محكوماً عليه بالسجن لمدة لا تقل عن شهرين.
ب. إذا كانت الجريمة الجنائية قد ارتكبت في إقليم الدولة الطالبة أو إذا كانت الجريمة، رغم أنها أرتكبت خارج إقليم كلتا الدولتين، يُعاقب عليها بموجب قانون كلتا الدولتين عند ارتكابها خارج إقليميهما.
كما أبرمت سوريا اتفاقيات ثنائية للتعاون القضائي بما في ذلك تسليم المتهمين مع عدة دول عربية أخرى مثل تونس والإمارات العربية المتحدة، كما وقّع العراق وسوريا مؤخراً مذكرة أمنية تضمنت تسليم المتهمين بين البلدين.
ثالثًا: مقاربة مختلطة لتعزيز المساءلة
يعاني النظام القضائي ونظام السجون في سوريا من عقود من الانتهاكات. فقد لجأت السلطات السورية في عهد الأسد إلى الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والتعذيب في التحقيقات، والاستجواب، والمحاكمة، والاحتجاز. كما أن مرافق الاحتجاز في سوريا تتخلف لشكل كبير عن قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا).
علاوة على ذلك، فإن القوى الحاكمة الجديدة التي أطاحت بنظام الأسد لها تاريخ من الانتهاكات المماثلة، ولم تحترم سجونها قواعد نيلسون مانديلا. ولا يزال من غير الواضح كيف ستتطور العملية القضائية في ظل هذه القيادة الجديدة، وما إذا كانت ستلتزم بمعايير المحاكمة العادلة وتضمن عدم حدوث انتهاكات وتعذيب أثناء التحقيقات.
إن الشكل والنطاق المنشود للعدالة في سوريا وطبيعة الآليات القضائية للمحاكمات الجنائية سيتطلبان حواراً وطنياً شاملاً. يجب أن تدعم مخرجات هذا الحوار حقوق الضحايا بشكل صارم، وأن تلتزم بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في محاكمة عادلة وظروف احتجاز إنسانية.
وأحد الخيارات المحتملة هو إنشاء آلية مختلطة للعدالة داخل سوريا، يقودها سوريون ولكن بدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وخبراء في العدالة في مرحلة ما بعد النزاع على مختلف المستويات. يجب أن تكون هذه الآلية مقبولة للسوريين وتلتزم بالمعايير القانونية الدولية.
تعد محاكم كمبوديا من الأمثلة على المحاكم المختلطة التي أُنشئت بعد سقوط نظام استبدادي الدوائر الاستثنائية. فقد أُنشئت هذه المحكمة لمحاكمة كبار قادة الخمير الحمر وغيرهم من أعضاء الحزب المسؤولين عن الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي والجرائم الخطيرة التي ارتكبت خلال الإبادة الجماعية في كمبوديا. ورغم أن إرث محكمة كمبوديا لا يزال موضع نقاش، مع استمرار المناقشات حول تأثيرها على المجتمع الكمبودي وتحديات تحقيق العدالة في أعقاب الفظائع الجماعية، فإنها توفر دراسة حالة قيّمة للنظر فيها عند استكشاف إمكانية تشكيل محكمة مختلطة لسوريا.
البث المباشر على شاشة التلفزيون السوري للمحاكمات القائمة في أوروبا
في هذه الأثناء، هناك خطوات سريعة يمكن اتخاذها لمعالجة المحاكمات القائمة المتعلقة بسوريا التي تُجرى حاليا في أوروبا. من المرجح أن تستمر هذه المحاكمات على الأقل حتى يستقر الوضع في سوريا ويتضح أن لديها نظاما قضائيا يحترم القانون الدولي ومعايير المحاكمة العادلة، قبل أن يتم تسليم المعتقلين في أوروبا إلى سوريا لمحاكمتهم. ومع ذلك، يمكن اتخاذ تدابير فورية لضمان مشاركة السوريين الذين لا يزالون في سوريا وإشراكهم في هذه المحاكمات، لا سيما من خلال ضمان بث هذه المحاكمات مباشرة عبر التلفزيون السوري.
وتوفر هذه المحاكمات في أوروبا فرصة فريدة للسوريين للاطلاع على التجارب الدولية ومعايير المحاكمات العادلة، والاستفادة منها وتسريع تطوير النظام القضائي السوري. كما يمكن أن تكون المحاكمات الجنائية أداة قوية لعلاج المجتمعات التي تمر بمرحلة انتقالية.
ويمكن للبث المباشر أن يكون بمثابة أداة تثقيفية فعالة، حيث يتيح للجمهور، بالإضافة إلى المحامين والقضاة السوريين، الاطلاع على النظام القانوني العادل وحقوق المتهمين. كما يمكن أن تصبح المحاكمات نموذجا يحتذى به أو محفزا للإصلاحات داخل النظام القضائي السوري. يمكن أن توفر هذه المحاكمات أيضا رؤى قيّمة حول المعايير الدولية للعدالة، والإجراءات العادلة، وملاحقة الجرائم الخطيرة. ومن خلال دراسة هذه المحاكمات، يمكن للمهنيين القانونيين السوريين أن يتعلموا مناهج وتقنيات جديدة يمكن تكييفها مع نظامهم القضائي.
وينبغي توقيع مذكرة تفاهم أو اتفاق بين السلطات الحاكمة في سوريا والدول الأخرى التي تُجري محاكمات ذات صلة بسوريا، تتضمن بثاً مباشراً لجميع جلسات المحاكمات على التلفزيون الرسمي السوري مع ترجمة فورية إلى اللغة العربية من قبل المحكمة نفسها.
خاتمة
إلى أن تُنشئ سوريا نظاماً قضائياً عادلاً يلتزم بالمعايير الدولية ويضمن عدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملة، ويحترم قواعد نيلسون مانديلا، فإن معظم الدول ستعارض تسليم المطلوبين إلى سوريا. ونظراً لأولوية العدالة والمساءلة وطبيعتها الحساسة من حيث التوقيت، يمكن أن يكون إنشاء محكمة مختلطة داخل سوريا خيارا مناسبا. وينبغي أن يقود هذه المحكمة سوريون، مع تقديم الدعم على مختلف المستويات من قبل المجتمع الدولي. وفي الوقت نفسه، ينبغي أن يتم بث جميع المحاكمات المتعلقة بسوريا في أوروبا على الهواء مباشرة على التلفزيون السوري الرسمي مع توفير ترجمة فورية باللغة العربية من قبل المحكمة نفسها.
تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.