مقدمة
عندما ألقى الرئيس التونسي قيس سعيد خطابه الناري حول المؤامرة الخبيثة التي يحيكها آلاف المهاجرين الأفارقة السود غير الشرعيين ليحلوا محل سكان تونس الأصليين ويجردوا البلد الشمال أفريقي من هويته "العربية والإسلامية"، شعر بعض المراقبين، من خارج القارة الأفريقية، بالارتباك إزاء ما يمكن اعتباره مرحلة متناقضة في أزمة هوية تعصف بتونس.
ففي هذا الخطاب الذي ألقاه في 21 شباط/فبراير 2023، تغيرت لهجة الزعيم الشعبوي التونسي وأصبح يعتنق نظرية المؤامرة التي يتبناها القوميون البيض واليمينيون المتطرفون في أوروبا المسماة "بالاستبدال العظيم"، وبالتالي فهو أول زعيم "عربي" يلتحق بالركب وينضم إلى كبار مؤيديها من أمثال الرئيس المجري فيكتور أوربان والكاتب والسياسي الفرنسي إريك زمور. تعد هذه لحظة ديستوبية بائسة في التاريخ التونسي المعاصر، وتمثل نقلةً تهدف إلى "عودة النظام الاستبدادي"، في البلد الذي أشعل شرارة "الربيع العربي".
حدثت هذه النقلة خلال حقبة نظام عالمي شعبوي جديد تحكمه العولمة ويتميز بعودة الدعوات العلنية إلى "الهجرة المعكوسة" بوصفها أحد نواتج نظرية الاستبدال العظيم. من سخرية القدر أن تصبح تونس أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتبنى على أعلى المستويات الرسمية نظريةً تستهدف منذ أمد بعيد المهاجرين من شمال أفريقيا وتعتبرهم تهديداً للحضارة الأوروبية المسيحية البيضاء، وهو ما يجب أن ينبهنا إلى مدى نفاذية وسهولة انتشار السياسات اليمينية المتطرفة في البلدان غير البيضاء.
وقد تبع ذلك حملة ضد السود شهدت عنفاً عنصرياً منهجياً، بما في ذلك عمليات طرد واعتداءات جسدية وحرق ممتلكات تعود للأفارقة السود، سواء أكانوا من المهاجرين "الشرعيين أم غير الشرعيين"، لدرجة أن صحيفة "ذا كونتنت" الجنوب أفريقية الأسبوعية، نشرت على غلاف عددها الصادر في 4 آذار/مارس عنواناً يقول: "لوم السود: الرئيس التونسي يجد كبش فداء". ولم يسلم أيّ شخص أسود البشرة من هذا الرعب، بما في ذلك الفئات الأقل حضوراً والأكثر تهميشاً في المجتمع التونسي الأسود. فعلى الرغم من أنهم يمثلون أكبر أقلية في البلاد -ما بين 10% و15% وفقاً لبعض الإحصاءات غير الرسمية- فقد تضرر التونسيون السود بسبب هذه الحملة العنصرية السافرة التي تجرم فئة سكانية ضعيفة بالفعل في ظل الاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ انقلاب سعيد الذاتي في تموز/يوليو 2021.
محاصرةً وسط هذا الهرج العام، أصبحت هذه الأقلية المهمشة والغائبة والصامتة/المكممة على مر التاريخ تجسد المفارقة التونسية، بمظهرها البراق الخادع الذي يقدم صورة عن مجتمع تونسي متجانس ومتناغم، وتفضح سره القذر وتابوهاته العنصرية، كاشفةً بذلك عن الوجه القبيح للعنصرية التي باتت تعتنقها الآن أعلى شخصية سيادية في البلاد.
لم يُردع القمع الممنهج الذي يمارسه نظام سعيد المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني. فقد بينوا بكل صراحة ووضوح أنهم لن يصمتوا عندما يتجاوز زعيم أفريقي الخط الأحمر ويستخدم بغير حكمة خطابات عنصرية تنم عن تفوق البيض وكراهية الأجانب. في حين أن الاعتداءات الجسدية على الأفارقة السود وتهديد سلامتهم البدنية باعتبارهم أكثر الفئات المعرضة للتشويه والتهميش في تونس قد صدمت كثير من التونسيين الذين خرج مئات منهم إلى شوارع وسط مدينة تونس في مظاهرة مناهضة للفاشية تندد بالحملة العنيفة ضد المهاجرين من الأفارقة السود في 25 شباط/فبراير 2023، لم يحظ مليون أو أكثر من التونسيين السود باهتمام يذكر. ومع أن كثير من التونسيين غير السود لا يعبئون برقم مليون تونسي أسود، مع اعتيادهم على الغياب شبه الكامل للتونسيين السود في الساحة العامة، فإنه خلال المظاهرة المناهضة للعنصرية التي أولت اهتماماً خاصاً للأفارقة السود -الذين يتعرضون للتهميش نفسه الذي يتعرض له التونسيين السود- لم يشارك التونسيون السود بأعداد كبيرة مثلما هو متوقع. غالباً ما يواجه كثير من النشطاء التونسيين السود صعوبة في شرح أسباب مشاركاتهم المتدنية في الاحتجاجات المعنية بالأفارقة والتونسيين السود، التي قد تساهم في تخفيف إحباطهم من هذا الغياب المعرفي.
لكن بدلاً من ذلك، ثار نقاش محتدم على الساحة العامة حول المهاجرين الأفارقة السود غير النظاميين في تونس التي تقوم بدور حصان طروادة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الذي يسعى للتخلص من المهاجرين الأفارقة السود ومنعهم من الوصول إلى الحدود الأوروبية من خلال "تركهم" في بلدان شمال أفريقيا ليحلوا محل السكان الأصليين في تونس. وقد لجأ، الحزب القومي التونسي، أقوى مؤيدي سعيد إلى هذه التصريحات على الدوام باعتبارها استدلالات نابعة عن خبرة شخصية، ففي مقاطع الفيديو التي ينشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، ينتقد الحزب تزايد أعداد المهاجرين الأفارقة السود الموجودين في تونس ويعتبر أن هذا يشكل تهديداً أمنياً. وفي ظل هذه الأجواء من نظرية المؤامرة المبالغ فيها والآخذة في الانتشار تدريجياً التي تتحدث عن المخطط الشيطاني "للمستعمرين الجدد"، بدعم من مؤيدي المركزية الأفريقية (أو الأفروسنتريك) في غرب أوروبا وأميركا الشمالية لاستبدال سكان منطقة شمال أفريقيا وجعلها "سوداء"، اكتسب رقم مليون أفريقي أسود -غير المؤكد- زخماً وسط كثير من التونسيين غير السود المؤيدين للحزب القومي التونسي، واستغله آخرون في أماكن أخرى من بلدان شمال أفريقيا. قد يجعل هذا المرء يتساءل عمّا إذا كان هذا الرقم يشير إلى عدد التونسيين السود، المتمركز معظمهم في جنوب تونس خاصةً مدينة صفاقس، ثاني أكبر المدن التونسيّة. وأيضاً إلى استجابة التونسيين السود الخجولة والمحدودة (وبدرجة أقل النشطاء التونسيون السود) على الهجمات العنصرية التي يتعرض لها الأفارقة السود.
يسعى هذا المقال إلى التركيز على المنظور الضيق لأنشطة التونسيين السود ودينامياتها، وتأثير خطاب سعيد الناري على التونسيين السود، وسياسات استيعاب وتهميش التونسيين السود الرسمية التي تتبناها تونس في مرحلة ما بعد الاستقلال. ويبحث أيضاً فيما يفعله النشطاء من أجل المضي قدماً على الرغم من المناخ السياسي الحالي والتحديات التي تطرحها سياسة الدولة التي تشارك في حملة لمطاردة السود في كافة أرجاء البلاد.
انقسام التونسيين السود بين الغياب والحضور والعنف المعرفي ضد قطاع من السكان الصامتين/المكممين
يوجد عدة عوامل يمكن أن تفسر السبب وراء غياب التونسيين السود عن الساحة العامة. أبرز هذه العوامل هو الإجهاد النفسي العام بعد انقلاب سعيد وما أعقب ذلك من قمع لنشطاء ومنظمات المجتمع المدني. تسبب هذا في المقابل في خلق مناخ عام من الخوف من التعرض للانتقام والاعتقال. يتمثل أحد العوامل الأخرى في فشل الدولة التونسية في تضمين التثقيف العام والتوعية بشأن قضايا العنصرية في النظام التعليمي التونسي.
لكن يرجع العامل الأقل بروزاً وراء صمت وغياب التونسيين السود إلى سياسات التجانس التي انتهجها الرئيس بورقيبة بعد الاستقلال وارتباطها بسياسات العنصرية العمياء التي تبناها النظام من أجل محو الهويات العرقية وأيّ اختلافات أخرى بين التونسيين، باستثناء هوية فردية تونسية جمعية مصممة ومتخيلة. استرشد هذا النوع من القومية التونسية ما بعد الاستعمارية الذي وضعه نظام بورقيبة متظاهراً بدمج الفئات المتباينة في كيان واحدة يُعرف باسم الأمة، كما هو الحال في "الأمة التونسية" التي تخيلها بورقيبة بالطريقة نفسها التي صاغ بها مؤسس تركيا الحديث مصطفى كمال أتاتورك الهوية التركية ما بعد العثمانية، استرشد بمذهب المساواة. وهو مذهب يمحو بالفعل كافة التنوعات والتباينات العرقية والقبلية والدينية والإثنية، وبالتالي يقصي الأقليات.
ومن خلال تبني"سياسات وطنية صارمة 'عمياء' لا تراعي التنوع المجتمعي"، فرض "المشروع الاستيعابي الأصولي" للدولة التونسية في فترة ما بعد الاستقلال، الذي انتهجه بورقيبة ومن بعده بن علي، التجانس الوطني من خلال التعتيم على ذكرى العبودية. حدث هذا بالتزامن مع الفشل في إزالة وصمة العار عن هذه الحقبة من التاريخ التونسي وتأثيرها على التونسيين السود، الذين لم يحصلوا يوماً على المساواة الكاملة مع أغلبية السكان (أيّ غير السود). أثرت هذه الوصمة على التونسيين السود حصراً، فيما يتعلق بالألقاب وعملية "تهذيبها" وتغييرها وفقاً لقرارات بورقيبة (اتباعاً لقانون الألقاب الذي اعتمده أتاتورك في عام 1934)، فقد "تعززت وصمة العبودية لدى السود وتأكدت" إما من خلال استخدام ألقاب عائلية تستحضر أسماء أسلافهم من العبيد أو تسليط الضوء على وضع العتق من العبودية أو من خلال استعادة علاقة "الراعي والتابع أو الزبونية" التي تربط العبد وسُلالته بسيده. كما أجبرت سياسة التجانس الأعمى تلك الناس أيضاً على التسليم بنموذج استبدادي حول أمة متوائمة ومتحدة، يُنظر فيه إلى الانتقادات أو أيّ شكل من أشكال المعارضة باعتبارها أفعال تحريضية مثيرة للفتنة. لهذا، وعلى الرغم من التهميش الذي يتعرضون له، لم يستطع التونسيين السود تسييس عملية الاحتشاد والتعبئة النشطة التي يضطلعون بها من أجل المطالبة بحقوق المواطنة والمساواة الكاملة خوفاً من اتهامهم بالتحريض على الانقسام. وبالفعل، كان ينظر إلى مسألة العنصرية ضد السود في عهد بن علي باعتبارها محاولة لإثارة الفتنة بين أبناء المجتمع التونسي "المتناغم".
لم يشمل هذا المفهوم الشاعري يوماً التونسيين السود باعتبارهم مواطنين كاملي المواطنة وجدوا أنفسهم منذ الاستقلال مهمشين اجتماعياً واقتصادياً وبلا أيّ تمثيل سواء أكان تمثيلاً حقيقياً في الساحة العامة أو تمثيلاً رمزياً في السرديات الوطنية المتعلقة بالشخصيات التونسية البارزة، على غرار الاحتفاء بالشخصيات التاريخية التونسية الأمازيغية واليهودية.
إعادة إدراج السود في السرد التونسي: القضاء على حالة الصمت المفروضة عليهم
يمثل هذا الغياب الواضح للتونسيين السود من السرديات الجمعية التونسية شكلاً من أشكال العنف المعرفي الذي يمحو وجودهم المادي وكذلك تاريخ العبودية -الذي يرتبط به معظم السود من خلال تجارة الرقيق عبر الصحراء الكبرى- وهو تاريخ غالباً ما يجري تجاهله. وقد أثيرت تساؤلات حول هذا الاختفاء عقب ثورة 2011 عندما تولد نوع من الصحوة بين النشطاء التونسيين السود، الذين لجأوا إلى التاريخ الشفهي والوثائق الأرشيفية النادرة والمنسية عن أبطال تونسيين سود من أجل الاحتفاء بمثل هذه الشخصيات وصياغة سرد خاص بالتونسيين السود وإسهاماتهم في التاريخ التونسي. لكن معظم التونسيين السود لا يعلمون شيئاً عن أيّ إسهامات إيجابية للأبطال التونسيين السود في التاريخ التونسي، بسبب رأس مالهم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي المحدود. فقد عانى التونسيين السود بالفعل من العنف الرمزي كونهم مواطنين مهمشين في النظام التعليمي التونسي، خاصة في الجامعات حيث شعروا بأنهم غير مؤهلين في نظامٍ جعلهم ينظرون لأنفسهم بدونية، وهو ما ثبطهم عن المخاطرة بالدخول في تحدي معه.
وبالفعل واجه التونسيون السود الذين التحقوا بالجامعات بعض أشكال العنف المعرفي، بما في ذلك الإحساس بعدم الكفاءة والتقليل من شأنهم وفي بعض الحالات عدم تقبلهم من قِبل زملائهم وأساتذتهم وهو ما أدى إلى انعزالهم وإحجامهم عن المشاركة العامة خلال سنوات دراستهم الأولى. أدى هذا في نهاية المطاف إلى الإيمان بأن "قدراتهم محدودة بالفعل والنظر إلى أنفسهم بدونية" وتجنب المخاطرة بمواجهة العقبات التي تقف أمام تحقيق كامل إمكاناتهم. وبينما يتعرض التونسيين السود لشكلٍ من السطوة المجتمعية خلال مرحلة التعليم والدراسة، على الأقل نظرياً، وهو ما يفسر التصور الشاعري عن تعميم وإلزامية التعليم في تونس، فإن الحقيقة على أرض الواقع مختلفة. إذ لا يزال التونسيين السود يعانون من التمييز، بما في ذلك الصورة المتأصلة في الجنوب عن التونسيين السود باعتبارهم خدم (وهذا هو السبب وراء المصطلح الازدرائي الذي يصف الشخص أسود البشرة "بِالوصيف")، أو مزارعين يعملون بالأجرة، وهو أمر كان منتشراً حتى وقت قريب. أعاقت هذه الصورة النمطية كثير من التونسيين السود وجعلتهم غير قادرين نفسياً على التغلب على وضعهم المحدد مسبقاً بوصفهم تابعين والتطلع لوضع تعليمي واجتماعي أعلى بغض النظر عن لون بشرتهم.
وفي ظل هذا الحاجز غير المرئي الذي يمنعهم من ارتقاء السلم الاجتماعي، بقي التونسيون السود غائبين عن المشهد. وإذا استطاعوا الظهور وإثبات أنفسهم، فإن هذه الميزة النخبوية بوصفهم نشطاء تونسيين سود يتمتعون برأس مال اجتماعي وأكاديمي أدت إلى زيادة الفجوة بينهم وبين باقي السكان السود عموماً.
لا يزال تاريخ التونسيين السود يمثل حلقة الوصل المفقودة في التاريخ الرسمي التونسي، وإعادة صياغة هذا التاريخ يعد مشروعاً ضخماً يجب أن يتعامل الباحثون وكافة عناصر المجتمع المدني بجدية معه. "التصالح مع البُعد والطبيعة الأفريقية لتونس يُعد أيضاً أحد التحديات التي ينبغي التصدي لها لتحسين فهمنا عن 'الهوية' الجغرافية والجيوسياسية لتونس وتقبلها". )
يصب الخطاب القومي والسياسات العمياء في صالح السرد الجمعي ويزيدان من حدة الأفكار الأهلانية المعادية للهجرة وتأثيرها على الهوية التونسية في المدارس التونسية، حيث لا يمثل التنوع العرقي كما ينبغي في الكتب المدرسية. مكنت هذه الصورة المتأصلة في وجدان عامة السكان كثير من التونسيين السود من التغلب ذهنياً على أوضاعهم المقدرة سلفاً باعتبارهم تابعين وشغل مواقع مساوية لباقي أقرانهم من التونسيين "ذوي البشرة البيضاء" الذين يمكنهم فعلياً التنافس معهم. إضافة لذلك، يزداد تهميش وإقصاء التونسيين السود في ظل غيابهم عن شاشة التلفاز، وعندما يظهرون يكون ذلك من خلال أدوار نمطية في برامج هزلية مثيرة للسخرية. لكن لا يمكن تحميل التعليم وحده مسؤولية التوعية بشأن العدالة والتمثيل العرقيين، إذ لا يزال التسييس العام للحقوق المدنية من أجل المطالبة بحقوق المواطنة الكاملة منخفضاً مع الأخذ في الاعتبار أن غالبية التونسيين السود لم يصلوا إلا إلى المدرسة الثانوية. بالنسبة للنشطاء التونسيين السود، بدأت أكثر الطرق فعالية في إحداث تغيير في العقليات في عام 2011 من خلال تعبئة الساحة العامة وممارسة الضغط النشط على صناع السياسات. علماً أن إحدى الفعاليات البارزة التي مثلت علامة تاريخية مميزة هي مسيرة النشطاء السود (مسيرة المساواة ومناهضة العنصرية ضد السود في تونس) في عام 2014، التي انطلقت من جنوب تونس (جربة وجرجيس ومدنين وقابس)، وتوقفت في مدينة صفاقس، ثم واصلوا المسير إلى العاصمة تونس وذهبوا إلى مقر البرلمان والتقوا مع بعض أعضاء مجلس الدوائر الانتخابية الوطنية النواب في البرلمان وقدمت إحدى الناشطات، مها عبد الحميد، التماساً بشأن تضمين العرق في الدستور التونسي المقبل.
محاولات كسر التابوهات العنصرية بشأن إقصاء التونسيين السود
قبل 2011، أعرب بعض التونسيين السود عن الطابع الماكر والهادئ للتمييز العنصري في تونس. وقد وثقت أول شهادة لناشطة تونسية سوداء عندما كسرت عفت مصباح حاجز الصمت المحيط بالعنصرية في تونس عام 2004 مسلطةً الضوء على حقيقة كون المرء أسود البشرة في تونس، وقد تلا ذلك فرض رقابة من قِبل نظام بن علي على عدد المجلة التي نشر المقال فيها. شاركت أسرة عفت في الأنشطة المناهضة للعنصرية قبل الثورة، وهو ما أكسبها سمعة سيئة. عفت هي شقيقة المغني صلاح مصباح والناشطة سعدية مصباح التي حاولت تأسيس أول منظمة للدفاع عن حقوق السود في تونس خلال عهد بن علي لكنها فشلت في تحقيق ذلك.
تحقق حلم تغيير واقع السود المفروض في تونس مع اندلاع الثورة في أوائل عام 2011، عندما انطلقت شرارة النضال من أجل تحقيق المساواة بين المواطنين التونسيين السود وأقرانهم من المواطنين "البيض". جاء هذا النضال في إطار تحول تونس إلى الديمقراطية، وازدهار الحركات الاجتماعية التي تدافع عن حقوق الإنسان. استفاد حراك التونسيين السود من هذا المناخ الذي شهد إرخاء قبضة الرقابة التي كانت مفروضة على المنصات الإعلامية والأنشطة السياسية. وبفضل الربيع العربي تمكن النشطاء من إجراء مناقشات بشأن تأثير القضايا العرقية والعنصرية على حقوق الإنسان على الرغم من إهمالها في الدراسات والمؤلفات الأكاديمية في حقبة ما بعد عام 2011.
بعد 2011، شجعت حرية التعبير السائدة في البلاد كثير من النشطاء التونسيين السود، لا سيما من كانوا يتمتعون بقدر عالي من التعليم لنقل قضية العنصرية إلى منصات التواصل الاجتماعي وعقد منتديات حوارية لمناقشتها.
حفزت الثورة التونسية كثير من التونسيين السود على الانضمام إلى الحراك الرقمي باعتباره المنبر الديمقراطي الوحيد الذي يسهل الوصول إليه للتعبير عن آرائهم. ومع تجنب وسائل الإعلام التقليدية لمجتمع النشطاء منذ البداية، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي بمثابة مركز تنسيق لكثير من التونسيين السود، مع كونها فضاء حر لعقد الاجتماعات الافتراضية على الإنترنت حيث يتبادلون تجاربهم المختلفة مع العنصرية ويتباحثون في سبل إيصال أصواتهم للساحات العامة وكيفية حشد الجهود على أرض الواقع.
بيد أن مفهوم "الانتماء إلى مجموعة بشرية ذات بشرة سوداء" في تونس لا يندرج ضمن التصور الجامد للتأصيل الذي يستند إلى النمط الظاهري لتصنيف السود. ويبدو وكأنه "مفهوم مبهم وهلامي" في تونس، إذ إنه "يستند إلى التصورات الاجتماعية بدلاً من الدلائل الملموسة والقابلة للقياس". وغالباً ما يكون من الصعب تحديد من هو أسود ومن ليس بأسود في تونس لأن لون البشرة ليس هو العلامة الجسدية الوحيدة. ومن هذا المنطلق، فإن التصنيف العنصري التونسي أقرب إلى التصنيف البرازيلي منه إلى التصنيف الأميركي (ومبدأ "قاعدة القطرة الواحدة"، والتي تشير إلى أن أي شخص لديه حتى سلف واحد من أصل أسود فهو أسود أيضاً). وسعت عملية التجانس في تونس بعد الاستقلال إلى محو التنوع العنصري والعرقي وإنكاره وفرض التجانس الثقافي واللغوي والديني من أجل تعزيز عملية بناء الأمة. وينطوي هذا الإنكار لاستراتيجية التنوع على سياسة قمعية قادتها الحكومة هدفت إلى قمع أصوات التونسيين السود، مما جعلهم ينحصرون في "الهوامش الاجتماعية والجغرافية" ويصبحون مهمشين اجتماعياً.
فقد تعرض التونسيون السود للاستبعاد من مشاريع التنمية التي قام بها بورقيبة، تماماً مثل أقرانهم "البيض" في الجنوب، نظراً إلى سياسته الرسمية لإنكار العرق أو أي مجموعات أثنية أخرى. وقد أدى ذلك إلى عدم الاعتراف بهم بوصفهم تونسيين "سود"، ولم يكونوا "مستهدفين ضمن سياسات التمكين".
بدلاً من ذلك، فإن الطابع الاحتكاري للعاصمة تونس باعتبارها المركز الرئيسي للنشاط المناهض للعنصرية ضد السود، ترك التونسيين السود في الجنوب، حيث يتمركز الغالبية العظمى منهم، يقاومون ضد التمييز بأنفسهم في مدنهم وقراهم. وهذا يفسر عدم وجود حماسة لدى قسم كبير من السكان السود في الجنوب، وخاصة في البلدات والقرى الصغيرة في مدنين وجربة في المسيرة التي اندلعت عام 2013 التي حاولت ربط الناشطين في الشمال بالسكان السود في هذا الجنوب. في الواقع، واجه حراك التونسيون السود صعوبة في دمج جميع التونسيين السود، على غرار حركات المجتمع التونسية الأخرى، بما في ذلك الحركات النسوية وحركات مجتمع الميم التي تم تعبئتها من أجل المجتمعات المحلية منذ العام 2011. ولا يزال التحدي قائماً في جنوب تونس بسبب الافتقار إلى التغطية الإعلامية الوطنية للمنطقة وتهميشها الاجتماعي والاقتصادي التاريخي.
لكنك لست مثلهم: قتل السود في الطابع التونسي، والهروب من الهوية الأفريقية
حتى قبل الهجمات الأخيرة على المهاجرين الأفارقة السود، كان التونسيون السود يميلون في كثير من الأحيان إلى اتخاذ موقف لا مبالي تجاههم، بحجة أن مثل هذه الهجمات لا تعنيهم. وعندما تعرض الطلاب الكونغوليين للطعن عام 2016 على يد تونسي ذو بشرة فاتحة في وسط تونس العاصمة، اجتذبت الاحتجاجات في الغالب العديد من التونسيين غير السود والأفارقة السود، وكان العديد منهم من مختلف المجتمعات الطلابية الأفريقية الناطقة بالفرنسية. وبالمثل، عندما وصلت موجة الاحتجاجات العالمية ضد مقتل جورج فلويد إلى تونس في حزيران/يونيو 2020، لم يحضر الاحتجاج سوى المنظمة التونسية البارزة المدافعة عن السود المتمثلة في جمعية "منامتي"، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني التونسية ومنظمات حقوق الإنسان الأخرى، وكذلك المهاجرين الأفارقة السود في تونس.
لا يزال الحراك التونسي الأسود الوحيد الذي تضطلع به جمعية "منامتي" ورئيستها، سعدية مصباح، يواجه عقبات هائلة، بما في ذلك التحديات التي تواجه عملها بوصفها منظمة صغيرة، فضلاً عن حملات التشهير والتهديدات الضمنية والعلنية على الإنترنت التي يتعرضون إليها من قِبل أنصار الرئيس التونسي والحزب القومي التونسي. قد يفسر ذلك سبب بقاء العديد من التونسيين السود بعيداً عن الأنظار، في ظل السياق غير الملائم لمزيد من الاحتجاج والتمرد العلني. علاوة على ذلك، وعقب خطاب الرئيس سعيد العنصري، تلقت جمعية "منامتي" شكاوى من اعتداءات لفظية وجسدية بدوافع عنصرية استهدفت أربع نساء تونسيات من أصول سوداء، ومن التنميط العنصري الذي تعرض له رجل تونسي أسود من قبل دورية شرطة في صفاقس. وفي حادث آخر تعرضت له عائلة تونسية سوداء اعتقلتهم الشرطة في جنوب تونس وطلبت منهم إبراز هوياتهم. وفي حين يرى بعض التونسيين السود هذه الحوادث أنها ليست خطيرة، ويستخفون بها بوصفها حماسة زائدة، إلا أنها تمثل تصعيداً خطيراً منذ خطاب سعيد الذي يجرم أي شخص يبدو أنه من أصل أفريقي أسود، إذ يتعرض التونسيون السود للمراقبة واعتقالات تعسفية من قِبل رجال الشرطة. وما يثير القلق أكثر هو الشعور بعدم الأمان في وطنهم بوصفهم تونسيين سود، مما يزيد من شعورهم بأنهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية من خلال الهجمات اللفظية اليومية التي أصبحت طبيعية على الرغم من الحماية القانونية لضحايا التحرش العنصري للسود بموجب القانون 50-2018.
علاوة على ذلك، يفتقر التونسيون السود في كثير من الأحيان إلى الموارد والوسائل اللازمة لإثبات أنفسهم كمواطنين كاملي الأهلية عند التعبئة ضد التمييز الذي يؤثر على مجتمعهم. ويُعزى ذلك في الغالب إلى تعرضهم للتهميش على مر التاريخ وحرمانهم. وجه الناشطون في المجتمع المدني، سواء كانوا من السود أو غير السود، الأنظار إلى أهمية إعطاء منصة وصوت للمجتمع المعني الذي غالباً ما يكون الطرف الذي يتعرض للعنف العنصري. وفي حين يمكن الإشادة بهذا بوصفه اعترافاً بتأثير تجاهل التونسيين السود في الفضاء العام وبالتالي صمت أصواتهم بشأن القضايا ذات الصلة بالعنصرية التي تمس كل من الأفارقة السود والأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى في تونس، ويتعين أيضاً توجيه الانتباه إلى التعبئة المتواضعة والصغيرة لناشطي المجتمع المدني المحليين في جنوب تونس مع المهاجرين الأفارقة السود.
من ناحية أخرى، لجأ بعض الناشطين التونسيين السود إلى وسائل التواصل الاجتماعي واستخدام الكوميديا السوداء من خلال إطلاق حملة قاموا فيها بتعليق بطاقات هويتهم التونسية وجوازات سفرهم على رؤوسهم، ضمن حملة تحمل عنوان "#فوقي_وراقي_على_ماياتي" (أحمل أوراقي على سبيل الاحتياط)، لجذب الانتباه إلى عبثية التنميط العنصري الذي يتعرض له التونسيون السود من قِبل السلطات التونسية، إضافة إلى الارتياب العام بأنهم، مثل الأفارقة السود، مذنبون حتى تثبت براءتهم. إلى أن تقوم الدولة التونسية بالامتثال لالتزاماتها بتطبيق القانون ضد أي مضايقات وإساءات تستهدف الأشخاص السود في تونس، كونها أحد الموقعين على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عام 1967، ومن خلال القانون رقم 50 لعام 2018، يستمر تجريم التونسيين السود وغيرهم بسبب عدم وعي العديد من التونسيين ذوي البشرة الفاتحة بوجود مواطنين مثلهم ذوي بشرة سمراء.
خاتمة
من خلال الإصرار على الطابع المعادي للأجانب الذي تتسم به الهجمات، فإن ذلك يعطي مبرراً بأن التضامن الأفريقي هو مفهوم غريب في سياق الخطاب الشعبوي المفرط والنزعة القومية المتزايدة في تونس منذ انقلاب سعيد ونظرية المؤامرة المصاحبة حول الأعداء الداخليين، أي المهاجرين الأفارقة السود باعتبارهم من خارج تونس وما يتبع ذلك من عواقب على التونسيين السود. وحتى قبل خطاب سعيد، فإن فصل معاناة الأفارقة السود عن معاناة التونسيين السود يبعد التونسيين السود أكثر عن القارة.
إن حالة النسيان القسري للمحظورات العنصرية، فضلاً عن الذاكرة الجماعية الانتقائية للدولة التونسية، ترقى إلى أن تكون مماثلة لأدوات الدكتاتورية الأساسية لفقدان الذاكرة الجماعي حول عقود من الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان والتعذيب وإساءة معاملة الأصوات المعارضة. إذ إنه يفرض تماهياً مع الرواية الرسمية حول أن تكون مواطناً تونسياً بصورة وهمية سطحية.
بالإضافة إلى ذلك، أدى الخوف إلى زيادة نبذ التونسيين السود ودفع العديد منهم إلى التطبيع مع العنصرية الهيكلية التي تقودها الدولة في ظل الظروف الحالية من قمع الحكومة للأصوات المعارضة للخصوم السياسيين. يظل التونسيون السود هم الشجرة التي تخفي ورائها الغابة التي غالباً ما تطغى معاناتها على معاناة المهاجرين الأفارقة السود، وبالتالي يشكلون الأضرار الجانبية لخطاب سعيد المعادي للمهاجرين. بيد أن الناشطين السود يدعون إلى إنهاء حالة الإغفال هذه من خلال تحدي الوضع الراهن بشأن السكان المهمشين.
بين النزعة القومية المفرطة التي يتبناها الحزب القومي التونسي والعداء للأفارقة والحنين الدائم إلى المواطنة الكاملة، يجد التونسيون السود أنفسهم عالقين بين المطرقة والسندان، في سياق ظهور وتطور الحراك التونسي الأسود الذي أعقبه رد فعل عنصري عنيف من الخطاب القومي والمناهض للسود في الحزب القومي التونسي، الذي أيده الرئيس سعيد.
من هذه الصورة القاتمة، من المهم تسليط الضوء على عمل ناشطي المجتمع المدني التونسيين الجنوبيين السود في مجتمعاتهم المختلفة الذي غالباً ما يتم التغافل عنه. فمنذ عام 2011، استطاعوا أن يكتسبوا الثقة الكافية لوضع استراتيجيات عملية وفعالة أثبتت نجاحها في كسر عزلة مجتمعاتهم وقدرتهم على تمكين أنفسهم، بفضل فتح المجال للمجتمع المدني وقدرتهم على التأثير في مجتمعهم من خلال بناء علاقة ثقة وتواصل بشأن مطالبهم.
يمكن أن تكون بعض التوصيات الناجمة عن التواصل المباشر وغير المباشر وملاحظات ناشطي المجتمع المدني التونسيين السود في الجنوب بمثابة نقاط انطلاق للانخراط في حوار بين مختلف المجتمعات وتمكين الناشطين التونسيين السود. يمكن أن تتضمن هذه التوصيات ما يلي:
- حشد الموارد التعليمية في المدارس لتوعية التونسيين منذ سن مبكرة بأضرار العنصرية ضد السود التونسيين والتخلص من تطبيع أي شكل من أشكال التمييز العنصري في وسائل الإعلام والمدارس وأماكن العمل، وما إلى ذلك، سواء كانت خفية أو علنية. وأنشطة جمعية "منامتي" تستحق الثناء في هذا الصدد.
- ضرورة عكس التوجه الذي يمنع التونسيين السود في بعض الأحيان من التعبير عن أنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي أو الفضاء العام حول تجاربهم الفردية وما يتعرضون إليه من تمييز، لا سيما بعد حملة الكراهية في شباط/فبراير 2023 ضد الأفارقة السود وتأثيرها المباشر عليهم من خلال الهجمات العشوائية على أي شخص يبدو أنه من أصول "أفريقية سوداء"، من خلال السماح لهم بالتحدث عن خطر التنميط العنصري.
- التعاون مع المحطات الإذاعية المحلية في تونس (وخاصة في جنوب تونس، مثل إذاعة نفزاوة [قبلي] وإذاعة أوليس أف أم [جربة]، وغيرها، والمحطات الإذاعية من دول جنوب الصحراء الأفريقية مثل "راديو ليبر فرانكوفون" التي تعمل منذ خطاب سعيد على بناء جسور بين مجتمعات جنوب الصحراء الأفريقية المختلفة والتونسيين.
- التصدي لتطبيع غياب التونسيين السود في الفضاء العام والنقاش العام حول العنصرية، لمواجهة الجماعات المعادية للأجانب مثل الحزب القومي التونسي الذي يمكن أن يستغل التونسيين السود في خطاب الكراهية من خلال التحريض على الأفارقة السود واستهدافهم وتهميشهم كمواطنين سلبيين عن طريق فصل نضالهم عن نضال الأفارقة السود.
- دعم مبادرات منظمات المجتمع المدني التي تعمل على توعية الجمهور العام حول التضامن عبر العرقي/العابر للحدود الوطنية بين التونسيين السود والأفارقة السود، لأن كلا منهما مرتبط بالمصير نفسه نظراً إلى وضعهم المهمش.
- تسليط الضوء على أهمية الوقاية عندما يتعلق الأمر بحالات جرائم الكراهية المرتبطة بالعرق والممارسات التمييزية. ويمكن القيام بذلك بالتعاون مع الناشطين التونسيين السود والأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى (بين الطلاب مثل جمعية الطلبة والمتربصين الأفارقة بتونس) ، وكذلك مع الخبراء القانونيين بمن فيهم المحامون الذين يعملون على تنفيذ القانون 50-2018.
المراجع
- Abdelhamid, Maha, Elwaer, Moutaa Amine & Elfagi, Amel. Être Noir ce n’est pas une question de couleur: Rapports d’enquête sur les représentations du racisme chez les noirs de Tunisie, Nirvana : Tunis, 2017 https://www.amazon.fr/Etre-noir-nest-question-couleur/dp/9938940218
- Allal, Amin and Marine, Vannetzel. “Disillusioned Tomorrows? ‘Authoritarian Restorations’”, Call for Proposals” Politique Africaine, 8 July 2016, https://polaf.hypotheses.org/1586
- Ben Hamad, Fatma. “Black Tunisian Women Speak Out Amid Wave of Anti-Migrant Actions”, France 24 English, 2 March 2023, https://observers.france24.com/en/africa/20230302-tunisia-anti-migrant-action-black-women-activists-hashtag
- Bendami, Fatima-Ezzahra. “Black Tunisians breaking taboos”, Africa Is a Country website, 24 March 2021, https://africasacountry.com/2021/03/black-tunisians-breaking-taboos
- Feffer, John. “The ‘Great Replacement’ Is a Genocidal Playbook”, The Nation, 22 October 2019, https://www.thenation.com/article/archive/white-supremacist-great-replacement/
- Hochuli, Alex. “From Anti-Politics to Authoritarian Restoration in Brazil”, Jacobin Magazine, 18 December 2020, https://jacobin.com/2020/12/anti-politics-authoritarian-restoration-brazil-jair-bolsonaro
- Mzioudet, Houda. “Breaking the Racial Taboo: Black Tunisian Activism as Transitional Justice”, in Robins, Simon and Gready, Paul, (eds.), Transitional Justice in Tunisia: Innovations, Continuities, Challenges, Routledge: 2022, https://www.routledge.com/Transitional-Justice-in-Tunisia-Innovations-Continuities-Challenges/Robins-Gready/p/book/9781032007007
- King, Stephen, J. “Democracy and Progress towards Racial Equality in Tunisia: Interview with Zied Rouine”, Arab Reform Initiative, March 26, 2021; in https://www.arab-reform.net/publication/democracy-and-progress-towards-racial-equality-in-tunisia-interview-with-zied-rouine/
- Ltifi, Afifa. “Blacks Tunisians and the Pitfalls of Bourguiba’s Homogenization Project”, in Africa and the Middle East: Beyond the Divides, POMEPS Studies 40, June 2020. https://pomeps.org/pomeps-studies-40-africa-and-the-middle-east-beyond-the-divides
- Mosbah, Affet. “Être Noir en Tunisie”, Jeune Afrique, 12 July 2004, https://www.jeuneafrique.com/112359/archives-thematique/etre-noire-en-tunisie/
- Mrad-Dali, Ines. “Les mobilisations des noirs tunisiens au lendemain de la révolte de 2011: Entre affirmation d’une identité historique et défense d’une cause noire”. Politique Africaine, 140 : 2015, pp. 61-81, https://www.cairn.info/revue-politique-africaine-2015-4-page-61.htm
- Scaglioni, Marta. Becoming the Abid: Lives and Social Origins in Southern Tunisia, Milan, Ledizioni Ledi Publishing: 2020.
- Wiebke, “The Rise and Strength of Authoritarian Restoration: Constructing a Comparative Logic for Research”, In Olivier Giraud, Michel Lallement (eds.), Decentring Comparative Analysis in a Globalizing World. International Comparative Social Studies, Volume: 53, Brill Publishers: 2021; pp. 264-309 https://brill.com/downloadpdf/book/9789004466609/BP000022.pdf
تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.