1. إضفاء الطابع البيئي على المجال العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
يبرز النضال البيئي بشكلٍ متزايدٍ في المنطقة العربية. فمن الاحتجاجات على استخدام الأراضي في مصر أو التكسير الهيدروليكي في الجزائر، إلى التعامل مع النفايات في لبنان وتونس، إلى سوء إدارة المياه في العراق والمغرب، شهدنا تصاعد التعبئة البيئية التي ولدت من رحم الأضرار البيئية والتدهور البيئي. في بعض الحالات، أدت القضايا البيئية إلى احتجاجات جماهيرية على المستوى الوطني، أو أصبحت متداخلة مع مطالب أوسع نطاقًا للتغيير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. في تونس، تبنّت العديد من التحركات في أوائل عام 2011 الأجندة البيئية كأداة للمقاومة ضد النظام السياسي. كما يمكن النظر إلى ثورة تشرين في العراق عام 2019، بالإضافة إلى أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية الأكثر شيوعًا، على أنها تمرد بيئي من قبل الشباب العراقي الذي طالب بمستقبلٍ مستدام. وفي العام نفسه، برزت الانتفاضات الجماهيرية في لبنان كمطالب بيئية وليس كمشكلات خاصة أو محلية، بل كمثال على السخط واسع النطاق على الوضع الراهن. وخلال الحراك الجزائري في العامين 2019-2020، تبنى النشطاء مطالب الحراك السابق المناهض للتكسير الهيدروليكي في الجزائر، وربطوا قضية الغاز الصخري بمسائل الديمقراطية والسيادة الوطنية.
وانتشرت المنظمات المدنية البيئية، وهي شكل أكثر مؤسساتي في جميع أنحاء المنطقة. وأصبحت منظمات المجتمع المدني الأخرى التي تركز على السياسة الاقتصادية أو حقوق الإنسان أكثر نشاطاً في مجال البيئة، وراح أعضاؤها ينظمون حملات في الداخل ويمثلون المنطقة بشكلٍ أكثر انتظاماً ووضوحاً في الاجتماعات الدولية المعنية بالقضايا البيئية.
كما أخذ النشطاء والباحثون بشكلٍ متزايدٍ يربطون القضايا البيئية مع القضايا السياسية والاقتصادية طويلة الأمد التي خلقت صراعًا اجتماعيًا. فوفقًا لموقع أطلس العدالة البيئية العالمي، وهو منصة تعاونية لجمع البيانات أُطلقت عام 2012، كان هناك ما لا يقل عن 239 حالة في 21 دولة عربية لحركات متنازعة مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني طرحت فيها مطالب اجتماعية بيئية واضحة ضد مشروع أو نشاط اقتصادي معين. وبالنظر إلى أن أطلس العدالة البيئية غير شامل ويعتمد على الإبلاغ الذاتي، يُرجّح أن يكون عدد النزاعات الاجتماعية-البيئية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أعلى بكثير. ) وفي خضمّ ارتكاب إسرائيل للإبادة الجماعية المستمرة في حق الفلسطينيين وقصفها العشوائي للبنان، ظهرت إدانات للإبادة البيئية، ما يدل على أن هذه الحرب تتسبب أيضًا في إلحاق أضرارٍ جسيمة وواسعة النطاق وطويلة الأمد بالبيئة الطبيعية بهدف تدمير كل إمكانيات الحياة.
وفي الوقت نفسه، تغير الخطاب حول العمل البيئي والمناخي على مستوى الدول في المنطقة. فعلى مدى العقد الماضي، حددت جميع دول مجلس التعاون الخليجي (البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة) أهدافًا صافية صفرية، وأعلنت عن خططٍ واستراتيجياتٍ إنمائية وطنية لتحقيقها، على الرغم من استمرارها في التوسع في إنتاج الوقود الأحفوري. وتتبوأ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – وهما أكبر مصدرين للنفط الخام والغاز الطبيعي المسال في العالم – مراكز قيادية في المفاوضات الدولية بشأن المناخ، وفي السوق الجديدة لآليات تعويض الكربون وحساب الكربون. أما في شمال أفريقيا، فتُنصّب الحكومات نفسها بطلةً للاستدامة والتحول الأخضر من خلال خطط لإنتاج الطاقة على نطاقٍ واسعٍ باستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر. وترمز حقيقة استضافة مدينتي شرم الشيخ ودبي، آخر نسختين من أكبر قمةٍ دوليةٍ حول العمل المناخي، هي مؤتمر الأطراف الذي يشمل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، إلى صعود البيئة في المشهد السياسي في المنطقة. والسؤال المطروح هو: ما الذي ستعنيه هذه التحولات "الخضراء وتحولات الطاقة" على مستوى الدولة بالنسبة إلى الظروف التي تواجه النشطاء البيئيين؟
وفي تطورٍ آخر، تثير سياسات "الصفقة الخضراء" التي قدمتها الدول القومية القوية، لا سيما في أوروبا، المخاوف من استعمارٍ أخضر جديد. ويحذر النشطاء العرب ونظراؤهم في الجنوب العالمي من أن التحولات في مجال الطاقة و"التكنولوجيات الخضراء" لتشغيل البنية التحتية النظيفة في الشمال العالمي ستؤدي إلى تكثيف استخراج الموارد والثروة من دول الجنوب العالمي، ما يزيد من "المناطق الضحية".
تشير هذه الاتجاهات مجتمعةً إلى عملية "إضفاء الطابع البيئي" على المجال العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو مصطلح يشير إلى تبني الخطاب البيئي من قبل مختلف الفئات الاجتماعية، وإلى الإدماج الملموس للمبررات البيئية لإضفاء الشرعية على ممارسات مؤسسية وسياسية وعلمية محددة. تزايدت أهمية القضايا البيئية في حد ذاتها، لكنها تُستخدم أيضًا للطعن في الهياكل والممارسات السياسية والعلمية. ومع ذلك، لا يزال الصراع البيئي عنصرًا غير مدروس بشكل كافٍ. فالبحوث القائمة على أسس تجريبية تتعمق في مختلف أنماط المقاومة للحرب البيئية والضرر والإهمال البيئي، نادرة، لا سيما بين الفقراء والمهمشين.
إن مشروع تطوير البحوث الشاملة عبر النشاط والدعوة المستنيرة (دِراية - DIRAIA) هو مشروع بحثي تعاوني يستكشف ديناميكيات التعبئة البيئية في العالم العربي. وتلقى المشروع الذي تقوده مبادرة الإصلاح العربي، بالشراكة مع المعهد المغربي لتحليل السياسات، تمويلًا من مركز بحوث التنمية الدولية (IDRC) وسيُنّفذ على مدى ثلاث سنوات، بدءًا من تشرين الثاني/نوفمبر 2023. يسعى المشروع إلى توليد المعرفة حول الأشكال والمطالب والتعبيرات المختلفة للنضال والنشاط البيئي، وفهم أنماط تنظيمه، وكيف تجد الجهات الفاعلة مساحاتٍ للعمل في علاقات قوة غير متكافئة بشدة. وتتمثل إحدى الأولويات في ربط وتعزيز الشبكات العابرة للأقاليم من النشطاء والحركات المدافعة عن العدالة البيئية، بالإضافة إلى الروابط بين النشطاء وشبكات الباحثين متعددة التخصصات. ويحدونا الأمل، كما رأينا في حالات حول العالم، في إمكانية أن يعيد التحالف بين الدراسات النقدية والنضالات الاجتماعية تشكيل السياسات البيئية بشكلٍ جذري.
تحقيقًا لهذه الغايات، صُممت هذه الورقة كدليلٍ تمهيدي يُفكك القضايا المفاهيمية والتعريفية المتعلقة بالنضال البيئي، ويقترح فئات وأطراً لفهم الإجراءات والدوافع والتهديدات التي يواجهها النشطاء البيئيون والحركات الاجتماعية في المنطقة. تطرح الورقة أيضًا أسئلةً تهدف إلى إعداد سلسلة مُقبلة من التقارير القطرية ودراسات الحالة عن العراق ولبنان والمغرب وتونس المقرر استكمالها بحلول 2024-2025. استنادًا إلى جمع البيانات النوعية الأصلية – من ضمنها المقابلات والاستطلاعات ومناقشات مجموعات التركيز – ستحدد التقارير الخاصة بكل بلد على حدة مشهد النشاط البيئي في البلدان الأربعة على طول الخطوط المفاهيمية الموضحة في هذه الورقة التمهيدية. ووفقاً لهذه الدراسات القطرية، ستحدد المرحلة الثانية (من كانون الثاني/يناير إلى كانون الأول/ديسمبر 2025) دراسات حالة إضافية لحالات محددة من الحراك البيئي في هذه البلدان الأربعة وبلدان أخرى تبحث فيها.
وبالتزامن مع المكونات البحثية، وعلى امتداد المشروع بأكمله، ستجمع مبادرة الإصلاح العربي نشطاء وحركات اجتماعية متنوعة في جميع أنحاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال المؤتمرات الإقليمية ومجموعات العمل وورش العمل مع النشطاء. وتهدف من وراء ذلك إلى رسم مسارات عمل تعاونية ضد الأضرار البيئية، وتحقيق العدالة البيئية والمناخية.
2. من يُعتبر ناشطًا بيئيًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ ما هي القضايا البيئية؟
يشمل النشاط البيئي، في أوسع معانيه، الجهات الفاعلة من غير الدول المنخرطة في صراع حول كيفية فهم البيئة وتقييمها، وحول من يملك حق الوصول إلى البيئة أو استخدامها أو السيطرة عليها، وحول كيفية تسييس القضايا البيئية أو عدم تسييسها. ويتضمن هذا التعريف الموسع صراعات متنوعة، من تلك المناهضة للآثار السلبية لمشاريع البنية التحتية واسعة النطاق (السدود والطرق السريعة وخطوط الأنابيب والمناجم والتكسير الهيدروليكي)، إلى تلك المناهضة لخصخصة الموارد الطبيعية مثل تسليع المياه ومصادرة المساحات الخضراء، إلى مقاومة عمليات تطويق الأراضي والاستيلاء عليها في المناطق الحضرية والريفية.
بالإضافة إلى تنوع محتواه، فإن النشاط البيئي متنوع في شكله أيضًا. فمن ناحيةٍ أولى، يمكن أن يكون عامًا أو خاصًا. وكما نعلم من علم البيئة السياسية النسوية، فإن الأسرة هي مجال مركزي للصراعات على الموارد البيئية والوصول إليها. ومع ذلك، فإننا في جدول أعمال هذا البحث، نقتصر فيه على النضالات التي تجري في المجال العام.
وفي المجال العام، يتخذ النشاط أيضاً أشكالاً مختلفة؛ فقد يكون فردياً أو جماعياً، مؤسسياً أو غير رسمي، علنياً أو سرياً. وتعترف الأمم المتحدة الآن بالأفراد والجماعات الذين ينخرطون في أشكال علنية من النشاط البيئي – بدرجات متفاوتة من الطابع المؤسسي – بوصفهم "المدافعين عن البيئة" أو "الأفراد والجماعات الذين يسعون بصفتهم الشخصية أو المهنية وبطريقة سلمية إلى حماية وتعزيز حقوق الإنسان المتعلقة بالبيئة، من ضمنها المياه والهواء والأرض والنباتات والحيوانات". وعادة ما تشمل فئة المدافعين عن البيئة مجموعةً واسعةً من الجهات الفاعلة: المدافعون المحترفون عن البيئة الذين توظفهم المنظمات غير الحكومية عبر الوطنية؛ أو غيرهم من المهنيين مثل المحامين أو الصحافيين الذين يعملون في القضايا البيئية؛ أو المجتمعات المهددة بنقص المياه أو الاستيلاء على الأراضي أو استخراج الموارد على نطاقٍ واسع، أو السدود، أو الأعمال التجارية الزراعية.
كما يمكن للحركات الاجتماعية التي قد لا تُعرّف عن نفسها صراحةً على أنها من المدافعين عن البيئة، أن تصبح كذلك. على سبيل المثال، نشأ التحالف الجزائري المناهض للتكسير الهيدروليكي في الجزائر، اللجنة الشعبية لمناهضة الغاز الصخري التي ظهرت في مدينة ورقلة الصحراوية في العام 2014، مع حركة من الشباب العاطلين عن العمل أو الذين يعملون بشكلٍ غير منتظم، وهي التنسيقية الوطنية للدفاع عن حقوق العاطلين عن العمل. وعلى الرغم من أن المخاوف من العواقب البيئية السلبية للتكسير الهيدروليكي لا تبدو تلقائيًا متناسبة مع الانشغالات المباشرة للعاطلين عن العمل - خصوصاً أن التكسير الهيدروليكي يمكن أن يمثل مصدرًا محتملاً للتوظيف – إلا أن المخاطر الصحية العامة والمخاوف من التهميش والاستغلال الجهوي حشدت الآلاف في الحركة. وبالمثل في العراق، حين يتجمع المتظاهرون بشكلٍ روتيني خارج حقول النفط الرئيسية في البصرة للمطالبة بوظائف في هذا القطاع، يفعلون ذلك على أساس أنهم كسكان المنطقة، معرضون للتلوث ومخاطر الصحة العامة للصناعة وبالتالي يستحقون بشكلٍ خاص أن يُوظّفوا، كما يطالبون بالحصول على المياه النظيفة. ومن خلال إدراج النزاعات الاجتماعية والتوزيعية التي تحمل مضموناً بيئياً، يعترف مفهوم المدافعين عن البيئة بالسياق المادي للكثير من التعبئة البيئية، أو ما يشار إليه أحياناً باسم "بيئية الفقراء".
إن اعتماد تعريف موسع للنشاط البيئي أمر بالغ الأهمية. فلأسباب عملية واستراتيجية، يركز الباحثون غالباً على مجال بحثي ضيق، وتتجمع الحركات حول نضالات محددة. ومع ذلك، فإن التعريف الواسع المعتمد هنا يربط عمدًا بين النضالات البيئية المختلفة لثلاثة أسباب. أولًا، من منظور إنتاج المعرفة، هذه النضالات مترابطة تحليليًا؛ إذ تكمن وراءها معارضة لكيفية تعامل النماذج السياسية والاقتصادية الحالية مع الطبيعة وتأثيراتها على الحياة اليومية، من الجفاف إلى الصحة إلى جودة الحياة. ثانيًا، لم يتفاعل النشطاء البيئيون في مختلف مجالات القضايا مع بعضهم البعض بالقدر المطلوب. ونأمل أن يؤدي الفهم الواسع لما يشكل محتوى النشاط البيئي إلى تشجيع تبادل أكبر للتحليلات النظرية والتجارب العملية حول الأجندات والمطالب والاستراتيجيات الناجحة. ثالثًا، يساعد اعتماد نظرة أوسع في تحديد المنظمات والحركات التي تناضل من أجل القضايا البيئية المحلية التي لا تحظى بتغطية إعلامية كبيرة. وكما تُظهر أدبيات دراسة الحالة، فإن التركيز على مفهوم أو سردية خطابية ضيقة للغاية لما يشكل البيئة، يمكن أن يغفل النضالات البيئية في المناطق الريفية الفقيرة، ويمكن أن يغفل النضالات والصراعات الاجتماعية والبيئية التي تتعامل مع العناصر البيئية في المقام الأول كحقوق اجتماعية واقتصادية. في سياق شديد التحضّر مثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من المهم بشكلٍ خاص "أن تشمل تعريفات البيئة التجارب اليومية لسكان المناطق الحضرية وصراعاتهم مع تعريفهم الخاص للبيئة"، كما تقول الجغرافيّة نورا وهبي. هناك، كما هو الحال في المناطق الريفية المهمشة، يلجأ السكان المهمشون إلى استراتيجيات غير رسمية وشبكات اجتماعية وعلاقات اجتماعية للرد على الإهمال والضرر البيئي، وإعادة تأكيد علاقتهم بالطبيعة، ومقاومة وبناء البدائل.
يقدم الجدول 1 تصنيفاً للجهات الفاعلة غير الحكومية المدافعة عن البيئة ودوافعها. هذه الفئات ليست حصرية بشكلٍ متبادل، إذ يرتبط العديد من المدافعين بالعديد من الفئات. ) كما أن هذه الفئات ليست شاملة على الأرجح وسيجري تحديثها مع بحث دراسة الحالة مع تطور المشروع.
الجدول 1. أصناف النزعة البيئية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
| هويات علماء البيئة |
الدوافع الرئيسية |
- المشاركون في الاحتجاج الجماهيري
|
- المطالبة بالحصول على مياه نظيفة.
- المطالبة بالمساءلة عن أضرار الصحة العامة (من تلوث الهواء ومطامر النفايات وغيرها)
|
- أفراد المجتمع الريفي
- عمال المزارع
- فلاحون بلا أرض
- الرعاة
|
- المطالبة بالحصول على المياه.
- الوصول إلى الأراضي (من ضمنها أراضي الرعي) وسبل العيش والحفاظ عليها.
- حماية الموارد والأراضي الصالحة للزراعة.
- منع حرائق الغابات.
- المطالبة بسياسات زراعية وحيوانية عادلة.
|
- الفئات المهمشة في المناطق الحضرية
|
- الحصول على المياه والطاقة.
- تجنب الأضرار على الصحة العامة والأضرار من المواقع الملوثة (المصانع، مطامر النفايات، مصافي النفط).
|
| المجتمعات الساحلية |
- الوصول إلى البحر، ومقاومة خصخصة الساحل.
- الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري.
- تجنب الأضرار الناجمة عن الأنشطة الملوثة.
|
| مجتمعات السكان الأصليين |
- حماية الأراضي والثقافة والبيئة.
- إنهاء استعمار الحفاظ على التنوع البيولوجي.
|
- النشطاء البيئيون المحترفون
- نشطاء الحركات الاجتماعية
- الفنانون
- المثقفون والعلماء والمهندسون
|
- الدفاع عن الإدارة العادلة والمستدامة للموارد (المياه والأراضي والموارد الطبيعية).
- منع الأنشطة المدمرة للبيئة: استخراج النفط - الحرق المكشوف للنفايات - تلوث الهواء والأرض والمياه - إزالة الغابات - التكسير الهيدروليكي - تعدين الفحم.
- الدفاع عن: العدالة البيئية والاجتماعي - السيادة الغذائية - المساحات الخضراء العامة (المتنزهات أو الحدائق البلدية) - مساحة مشتركة مفتوحة الوصول (الواجهات البحرية) - سياسات زراعية عادلة ومستدامة.
- ترويج: الإيكولوجيا الزراعية - الطاقة النظيفة - وسائل النقل العام - إعادة التدوير - السياحة البيئية - الإنشاءات الخضراء
|
|
|
- تقرير عن الحقوق البيئية والاجتماعية.
- نشر النتائج البيئية.
- التحقيق في الصناعات الملوثة مثل النفط.
- نشر القمع وانتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها أنصار البيئة والحركات الاجتماعية.
|
|
|
- الدفاع عن حقوق المجتمعات المتضررة.
- الدفاع عن حقوق الإنسان ضد انتهاكات حقوق الإنسان من قبل أنصار البيئة والحركات الاجتماعية.
- إنفاذ القوانين البيئية.
|
إن الاعتراف بتنوع وتجزئة النشاط البيئي هو خطوة أولى ضرورية ليس فقط لرسم خرائط لهويات ودوافع النشطاء والناشطات البيئيين، بل لفهم كيف يُحتمل أن يواجهوا تهديدات مختلفة ويتفاعلوا مع الدولة وأصحاب السلطة الآخرين بطرقٍ مختلفة.
3. فئات العمل البيئي
وكغيرهم من النشطاء والحركات الاجتماعية الأخرى، يمتلك أنصار البيئة أدوات وإجراءات متنوعة متاحة لهم. يقدم هذا القسم سؤالين أساسيين لإنشاء تصنيفٍ للعمل البيئي يمكن رؤيتهما في الجدول 2.
أولاً، هل يتجلى الفعل في اتجاه السلطة – الدولة أو النظام أو الحكومة - أم في اتجاه معاكس للسلطة؟ ليس كل النشاط البيئي موجهًا نحو السلطة ويسعى إلى إشراك الدولة – سواء كانت محاورة أو شريكة أو خصمًا. بدلاً من ذلك، يمكن أن يكون العمل البيئي متقاطعًا مع السلطة، ويوجه نظره وطاقته إلى مكانٍ آخر. ويسعى بعض أنصار البيئة إلى تطوير معايير اجتماعية جديدة من خلال التغييرات الشخصية في مواقف وسلوكيات الأفراد. على سبيل المثال، قد يكون الهدف هو تغيير سلوك المستهلكين نحو مزيدٍ من الاستدامة؛ وعلى هذا النحو، فإن العمل هو تنظيم حملات إعادة التدوير أو حملات التوعية بالمنتجات. وبالنسبة إلى آخرين، يكمن الهدف في تغيير العلاقة بين الطبيعة والمجتمع على مستوى التحول الفردي؛ فيخططون لأنشطة مثل البرامج التعليمية والكشفية والسياحة البيئية مثل التنزه أو التخييم. يمكن أن يشمل هذا النوع من الذخيرة أيضًا أنشطة مجتمعية صغيرة النطاق مثل تنظيف الشواطئ وزراعة الأشجار والبستنة المجتمعية.
وعلى الرغم من أن الإجراءات المذكورة قد تبدو أقل سياسية وأكثر فردية، إلا أنها ليست بالضرورة كذلك. فقد يتوخى العمل غير المتجانس أيضًا تغييرًا جذريًا وجماعيًا، ويظل يشكل تحديات للمعايير السياسية والاقتصادية والبيئية السائدة. على سبيل المثال، قد يسعى أنصار البيئة إلى "إنشاء مساحات عامة جديدة توفر منتدى لتحالفات التضامن مع أفراد المجتمع المحلي المهمشين، ما قد يشجع على الوكالة الجماعية وتعزيز الأنشطة السياسية التقدمية". وقد يلتزمون بتنمية نوعٍ جديد من المجتمع السياسي و"مصادر بديلة للكرامة وصناعة المعنى التي يمكن أن تدعم الحركات السياسية والاجتماعية"، أو "استعادة المدن والأماكن العامة من الأسفل إلى الأعلى كعقدة استراتيجية في مشروعٍ أوسع وطويل الأمد للتحول المجتمعي". من خلال هذه الأفعال الاقتراحية (وليس المعارضة)، يمكن لهذا النوع من النشاط أن يقدم توجهات وممارسات وترتيبات اجتماعية بديلة معقولة، بل ويمكنه حتى أن يصدع الوضع الراهن عبر توليد خيارات وبدائل تضعف من مدى انتشار الإيديولوجية السائدة. على سبيل المثال، تتحدى الجهات الفاعلة المهمشة مثل صغار المنتجين الزراعيين، الهياكل التي تحدد علاقتها بالموارد الطبيعية وتعيد التفاوض بشأنها بطرقٍ سريةٍ وغير منسقة في كثيرٍ من الأحيان – ما يشير إليه جيم سكوت بـ"المقاومة اليومية".
السؤال التوجيهي الثاني هو: هل يتكشف الفعل داخل أو خارج المساحات المؤسسية القائمة للسلطة (الدولة والحكومة والقانون)؟ تتكشف بعض الإجراءات من خلال المؤسسات السياسية والاقتصادية والقانونية القائمة. وهي تشمل، من بين أمورٍ أخرى: الضغط على المشرعين والوزراء والمانحين الدوليين؛ والمشاركة في اللجان الحكومية أو الاستشارات أو اللجان الاستشارية؛ والمشاركة في الاجتماعات العامة؛ والتقاضي الاستراتيجي والنشاط القانوني.
لا يعني العمل من خلال المؤسسات بالضرورة أن الجهات الفاعلة تسعى إلى استيعاب السلطة بدلًا من مواجهتها أو معارضتها (كما تخلط بعض الأدبيات). فقد يستخدم أنصار البيئة القنوات القانونية والسياساتية لتحدي الممارسات المؤسسية غير العادلة؛ أو يسعون إلى التقاضي الاستراتيجي ضد الجهات الفاعلة القوية لمحاولة إحداث التغيير. ومع ذلك، وعلى الرغم من أن العمل المؤسسي يمكن أن يمثل مقاومة للوضع الراهن، إلا أنه من المهم أن ندرك أنه "يلتزم" أيضًا بـ"نص" المؤسسات الحالية والقوى المهيمنة والنظم الاقتصادية، ويبقى مطيعًا لمنطقها ووجودها". هذا النهج الواجب ينطوي على قيودٍ ومخاطر إذا لم يعطل الأسباب الكامنة وراء الضرر البيئي والظلم المناخي، ويُضفي بدلاً من ذلك الشرعية على المؤسسات غير العادلة. كما يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية لأهداف دعاة حماية البيئة إذا بدأ هذا النوع من الذخيرة في تحديد إمكانية التغيير داخل مؤسسات الدولة فقط، ما يؤدي إلى وقف أشكال أخرى من النشاط التي قد تكون أكثر استراتيجية في ظروفٍ معينة.
وعلى النقيض، تشمل الإجراءات التي تعمل خارج حدود المؤسسات القائمة – ما يشار إليه غالبًا باسم "العمل المباشر" – الاحتجاجات في مواقع محددة، والتظاهرات الجماهيرية، وحواجز الطرق، والإضرابات، والاعتصامات، والإضراب عن الطعام، والحملات الإعلامية، وأعمال الرفض (مثل رفض دفع فواتير الطاقة والمياه).
الجدول 2. تصنيف العمل البيئي
| ما هو التوجه إلى علاقات القوة السائدة؟ |
هل يحدث الفعل داخل أو خارج المساحات المؤسسية القائمة للسلطة؟ |
| العمل المباشر |
الإجراءات المؤسسية |
| الإجراءات التي تشرك القوى المهيمنة |
- تأكيد الوجود الجماعي في مكان معين (الاحتجاج أمام البلديات، المواكب السيارة، المسيرات، التجمعات، التظاهرات الحاشدة)
- تعطيل الحياة الاقتصادية (قطع الطرق، وحرق الإطارات على الطرق السريعة، والإضراب عن العمل)
- إيقاف العمل في مواقع أو أهداف محددة (اعتصام)
- تعطيل اجتماعات السياسات
- رفض دفع فواتير المياه/الطاقة
- مقاومة إجراءات إضفاء الطابع الرسمي
- مطاردة جامعي المياه خارج الأحياء
- ممارسة الضغط المعنوي على الدولة (الإضراب عن الطعام)
- تحدي قوانين الرقابة
- الظهور في وسائل الإعلام للإبلاغ عن الأضرار
- وضع الملصقات على الطرقات
- حملات التضامن الدولية
- حملات المقاطعة
|
- ممارسة الضغط على المشرعين والوزراء والجهات المانحة الدولية
- المشاركة في اللجان الحكومية أو الاستشارات أو اللجان الاستشارية الحكومية
- المشاركة في الاجتماعات العامة
- التفاوض مع الجهات الفاعلة العامة والخاصة
- التقاضي الاستراتيجي والنشاط القانوني
- حملات كتابة الرسائل إلى المسؤولين الوطنيين أو المحليين
|
- الإجراءات المتقاطعة مع القوى المهيمنة
|
- شبكات المساعدة المتبادلة
- لجان الأحياء
- أماكن عامة جديدة
- آليات تسوية المنازعات غير الحكومية
- الشبكات السردية
- الاستشارات الشعبية المحلية
- حملات التضامن الدولية
- الإدارة المشتركة للمشاعات
- المحتوى الثقافي على البيئة
- حملات التوعية العامة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي
- عمليات تنظيف الشاطئ أو زراعة الأشجار أو البستنة المجتمعية
- توجيه سلوك المستهلك نحو الاستدامة
- علم المواطن (اختبار التلوث المستقل)
|
- العمل مع الوزارات لتعزيز السياحة البيئية
- العمل مع الوزارات، أو المحافظين أو البلديات أو المكاتب البيئية المحلية في حملات التوعية
- طلب إذن رسمي للإجراءات البيئية
|
عند دراسة عالم الأفعال الممكنة في سبيل تحقيق الأهداف البيئية، نحن مهتمون بالأسئلة الآتية:
- كيف يختار أنصار البيئة من بين الإجراءات؟
- ما هي الشروط التي تجعل بعض أنواع الإجراءات أكثر احتمالاً من غيرها؟
- ما هي الظروف التي حققت فيها إجراءات محددة نجاحاً أكبر؟
4. تحديد المجال التّنازعي: التحديات والتهديدات
كما تشير المناقشة حتى الآن، فإن الصراع البيئي، بعيدًا عن كونه مساحة هامشية أو ضيقة للقضية، يضرب في صميم الهياكل والمسائل الاقتصادية السياسية. كيفية استخراج الموارد الطبيعية وإدارتها وتوزيعها؛ من المستفيد من مشاريع البنية التحتية؛ كيف تُوزع الأضرار؛ من الذي يشكل الروايات البيئية السائدة؛ ما هي المساحة المسموح بها للروايات والرؤى البديلة – كل ذلك يتحدد عبر تكوين السلطة بين الدول ورأس المال والحركات الاجتماعية. على هذا النحو، لفهم الصراع البيئي، يجب أن نفهم تكوينات السلطة المحددة والتهديدات المرتبطة بها التي يواجهها العمل البيئي.
نحن نعلم أن المدافعين عن البيئة يعملون في ظروف مليئة بالتحديات. فوفقًا لمجموعة بيانات أطلس العدالة البيئية، شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدنى مستوى من "النجاح" للمدافعين عن البيئة والأراضي، إلى جانب منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. فنجحت 8 في المئة فقط من حالات النضال البيئي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و31 في المئة من الحالات لم تكن حاسمة، و61 في المئة من الحالات انتهت بالفشل. في المقابل، بلغت معدلات النجاح في الدول الجزرية أو الدول الغربية 25 و23 في المئة على التوالي.
لا تزال الجهود المنهجية لتوثيق القمع ضد المدافعين عن البيئة على مستوى العالم في مراحلها الأولية، وتركز في المقام الأول على توثيق عمليات قتل المدافعين البارزين وأفراد مجتمعهم التي لا تُشكل إلا جزءًا صغيراً من الإجراءات القسرية، وبالتالي فهي لا تمثل سوى مؤشر جزئي لمستوى القمع. ووفقًا لمقرر الأمم المتحدة الخاص السابق المعني بحقوق الإنسان والبيئة جون نوكس "مقابل كل قتيل واحد، تعرض ما بين 20 إلى 100 آخرين للمضايقة والاعتقال غير القانوني، واعتُقل 349 آخرون بشكلٍ قانوني وغير قانوني ومقاضاتهم بتهمة التشهير، من بين عمليات ترهيبٍ أخرى". حتى إن تحديد هوية مرتكبي جرائم قتل المدافعين عن البيئة في جميع أنحاء العالم يمثل تحديًا كبيرًا بسبب قلة الرصد والإبلاغ المحليين، ويكون مرتكبو جرائم القتل غالبًا مجهولين، وبالتالي نادرًا ما تجري مقاضاتهم. علاوة على ذلك، هناك القليل من الأبحاث حول تأثير القمع على النضال البيئي على صعيد التعبئة والنتائج.
يقدم الشكل رقم 3 قائمة أولية بالتهديدات التي تواجه البيئة، والتي سيجري تحديثها مع نتائج بحث دراسة الحالة.
الجدول 3. التهديدات التي تواجه العمل البيئي
| خصخصة الأماكن والموارد العامة (المياه والأراضي الساحلية والمشاعات)
المصالح الاقتصادية والسياسية للنخب الحاكمة وأصحاب الأعمال والمجموعات المسلحة (على سبيل المثال، في البنى التحتية (الطاقة والمياه والنفايات) والصناعات الملوثة (النفط والمنسوجات والفوسفات)
الاستثمار في البنية التحتية واسعة النطاق (السدود ومزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح)
التطوير العقاري
الأعمال التجارية الزراعية
عمليات استملاك الأراضي وتطويقها
صناعة المحافظة على البيئة
نزع الملكية عن طريق الاستخراج
القمع العنيف (من قبل الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية)
القمع القضائي: القوانين القمعية والرقابة والقمع القضائي
القمع الخطابي: إضفاء الطابع الأمني على القضايا البيئية، والترويج لروايات بيئية لا أساس لها من الصحة، واستخدام وسائل الإعلام لتشويه سمعة النشطاء أو لتقسيمهم
الاستمالة والمحسوبية: رشوة البيروقراطيين وصانعي السياسات، ودفع أموال للمجموعات المحلية للدفاع عن مصالح الشركات، واستنساخ المنظمات، وعرض وظائف على أنصار البيئة كوسيلة لإسكاتهم
تدابير قسرية أخرى: مكالمات هاتفية تهديدية، استهداف الحواسيب المحمولة للنشطاء التي قد تحتوي على معلومات بيئية حساسة، اختراق الميليشيات للأماكن الجامعية كوسيلة لمراقبة أي نشاط جامعي |
في ما يأتي قائمة بالأسئلة التي تهدف إلى توجيه تحليل تشكيلات الطاقة البيئية على المستوى الوطني.
- ما هو دور قطاع الأعمال؟
- ما مدى هيمنة أباطرة الأعمال في القطاعات شديدة التلوث؟
- كيف تقاوم الجهات الفاعلة في قطاع الأعمال صياغة أي سياسة بيئية ترى أنها تهدد مصالحها؟
- كيف تعرقل الجهات الفاعلة في قطاع الأعمال تنفيذ و/أو انتهاك القوانين البيئية القائمة؟
- هل تمتلك الشركات الصغيرة الموارد و/أو التكنولوجيا الكافية للامتثال للوائح البيئية؟
- ما مدى تورط قطاع الأعمال في قمع الحيز المدني للنشاط البيئي؟
لا يمكن الاستهانة بدور قطاع الأعمال في تحديد نجاح العمل البيئي. وكما يُظهر بحث محمد إسماعيل صبري عن تونس، فإن الجهات الفاعلة في قطاع الأعمال تؤثر سلبًا على جهود الاستدامة، "بشكلٍ مباشر من خلال تأثيرها الكبير على صياغة السياسات البيئية وسنّها وتنفيذها، وبشكلٍ غير مباشر عبر إعاقتها لتبني الابتكار والارتقاء بالمستوى التكنولوجي". أما في القطاعات التي تقلّ فيها هيمنة أباطرة المال، فكان من الممكن أن تكون المقاومة المدنية الأكثر فعالية للإجراءات الضارة بالاستدامة. في مصر، تتتبع جيني سويرز كيف على الرغم من قلة عدد الشركات الكبيرة المملوكة للدولة وشبه المخصخصة، إلا أن موقعها الراسخ والمتميز في الاقتصاد السياسي للبلاد يسمح لها بالانخراط في مفاوضات مطولة حول الامتثال للوائح البيئية بدلاً من تسهيل التنسيق مع شبكات التلوث. ) وفي إطار دفاعها عن المدافعين عن البيئة، تدعو برامج الأمم المتحدة البيئية وقراراتها مرارًا وتكرارًا المؤسسات التجارية، إلى جانب الدول، إلى احترام حقوق المدافعين عن البيئة.
- ما هو دور المؤسسات المالية الدولية في تشكيل النظام البيئي؟
- ما هو دور الأحزاب السياسية؟ ما هي الصلات بين الأحزاب السياسية ومصالح قطاع الأعمال في القطاعات الملوثة؟
- هل هناك جماعات مسلحة تستفيد من الأنشطة الضارة بالبيئة؟
5. رسم الخرائط البيئية
5.1 السرد
بالإضافة إلى تأصيل الحركات البيئية في سياقها السياسي-الاقتصادي، يجب أن ننتبه إلى الخطابات والروايات والدوافع التي تبعث الحياة في الحركات، كما يلخص وولفورد وكين (2015):
وتمثل سرديات الحركة مزيجًا من القصص والمبادئ والأهداف والرؤى التي تحرك الحركة وتوفر التوجيه للعمل السياسي. وعلى هذا النحو، تعبّر سرديات الحركات عن مفاهيم محددة للعدالة وأنماط المشاركة والانخراط السياسي والهويات الجماعية. وتوفر هذه الروايات – لا سيما حين يدعمها طيفٌ واسعٌ من المشاركين - مساحةً إيديولوجيةً لإعادة النظر في علاقات القوة والتنظيم الاقتصادي وحيازة الأراضي والعلاقات الاجتماعية والحقوق (على سبيل المثال لا الحصر). وبعبارة أخرى، توفر سرديات الحركات الزخم (والإمكانية) لإحداث تغيير اجتماعي ذي مغزى.[39]
تتسم السرديات البيئية داخل البلدان وعبرها بالتجزؤ الشديد. فالناشطون البيئيون لديهم انقسامات طبقية وإقليمية في ما بينهم، ونظريات مختلفة عن كيفية حدوث التغيير في سياق سياسي واقتصادي معين، ومفاهيم مختلفة لماهية البيئة في المقام الأول.
إن أحد أبرز الانقسامات في الحركة البيئية حول العالم هو ما إذا كانت مكافحة عدم المساواة مرتبطة أو غير مرتبطة بمضمون النضالات البيئية. تجسد العدالة البيئية، كمفهوم وحركة، عدم الرضا عن ضعف العلاقة بين القضايا البيئية والاقتصادية خلال المرحلة الأولى من تكوين الكيانات المدنية التي كانت مكرسة لحماية البيئة. كما تؤثر كيفية صياغة الحركات لمفاهيمها عن العدالة البيئية على تطور النضال البيئي. فمقارنة الحملات المناهضة للمشاريع الضخمة في أوروبا، على سبيل المثال، تجادل بأن البعد التوزيعي للعدالة البيئية غير كافٍ إذا أهمل مصدرين آخرين للظلم هما عدم الاعتراف والمشاركة.
لذلك من الأهمية بمكان، عند رسم خرائط لمشهد العمل البيئي، تقييم الدوافع والإيديولوجيات المختلفة التي تحرك أبطاله.
- من أين ينشأ الدافع للتعبئة
- هل يمكن وصف التعبئة بأنها صراع توزيعي؟
- هل هناك تعارض متصور بين الأهداف البيئية والاجتماعية (مثل فقدان الوظائف) أو التنموية (مثل التكنولوجيا الخضراء المكلفة، وممارسات التعدين)؟
- هل يدعو الفاعلون ببساطة إلى تغيير في المواقف تجاه العالم الطبيعي، أم إلى تغيير في النظم الاقتصادية للإنتاج أو التوزيع؟
- هل يعبرون عن مفاهيم محددة للعدالة؟
- هل تتضمن رؤاهم للعدالة البيئية أبعادًا تتعلق بالنوع الاجتماعي؟
- ما الذي تعتقد الجهات الفاعلة أنه يمكن أو لا يمكن تغييره في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؟
- هل تصوغ مسارات نحو علاقة أقل استغلالاً واغتراباً بين المجتمع والطبيعة؟
- كيف يصفون الدولة؟ ما هي نظريتهم عن الدولة؟
- هل يعتقدون أن هناك حلفاء محتملين بين صانعي السياسات ومنفذي السياسات؟
- هل يُنظر إلى التعامل مع السياسيين بعين الريبة؟
- كيف يميزون الجهات الفاعلة القوية الأخرى، مثل الشركات؟
- هل تحدد التعبئة مضاداً/مضادات محددة؟
إن الاختلافات في الإجابات عن مجموعة الأسئلة المذكورة أعلاه مهمة في صياغة استراتيجيات العمل السياسي، وفي ما إذا كان النشطاء البيئيون سيستثمرون في نهج تخريبي للنظام الحاكم والمؤسسات السياسية أو في نهج التكيّف والتعاون بدلاً من ذلك. فإذا كان النشطاء يعتقدون، على سبيل المثال، أن العقبات الرئيسية هي البيروقراطيين الفاسدين في الدولة، ربما يكون لديهم أمل في "أنه لا بد من وجود مسؤولين حكوميين ووكالات حكومية مهتمين بمساعدة الناس"، وبالتالي ينفقون الموارد ورأس المال السياسي في محاولة التعرف إليهم والتعاون معهم. تجادل صوفي شمص في دراستها الإثنوغرافية لآراء منظمي المجتمع المحلي عن الدولة اللبنانية بأن العديد منهم يحمل خيالًا أو مثالًا للدولة يتعارض مع تحليلاتهم النقدية والماكرة للدولة اللبنانية المعاصرة، لكنهم مع ذلك يتمسكون بها بطرقٍ تُكيّف استراتيجياتهم وأساليب عملهم. وعلى نحو أكثر تحديدًا، نتج عن المثالية العنيدة للدولة الويبرية "عدم تأدية النظام الحاكم وظيفته، وليس غير مهتم بممارسة ما يراه المعارضون وظيفته". هذا الفهم بدوره أوحى اعتقادًا متفائلًا بإمكانية الضغط على الدولة لتأدية "وظيفتها من خلال الضغط عليها للخروج من حالة السكون، على الرغم من الأدلة التي قدمها هؤلاء النشطاء أنفسهم على محدوديتها المتأصلة ومزالقها المحتملة.
كما يمكن أن تؤدي الاختلافات في الردود على مجموعة الأسئلة المذكورة أعلاه إلى تعقيد بناء التحالفات بين النشطاء البيئيين. فالمسافة بين النشطاء الذين يعتقدون أن النضال البيئي ليس سوى أحد مكونات "الكفاح ضد الإقصاء الاجتماعي والعنف والاستبداد الذي تمارسه الليبرالية الجديدة ونخبها"، وأولئك الذين يعتقدون أن الأهداف البيئية يمكن تحقيقها من دون تغييراتٍ كبيرةٍ في الهياكل الاقتصادية، يمكن أن تكون مستعصية على الحل.
وحتى حين تنجح الائتلافات البيئية في الجمع بين الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين من خلفيات وتوجهات إيديولوجية متنوعة، فإن الانقسامات الإيديولوجية قد تُصعّب تطوير هويات جماعية جديدة مميزة، ما يقوّض بقاء الائتلافات والشبكات. في مقارنتها لشبكتين بيئيتين خلال المرحلة الانتقالية في تونس (2011-2014)، تجادل كيارا لوشي بأن الشبكة في جربة، على النقيض من الشبكة في تونس العاصمة، تفككت لأنها لم تستطع التغلب على الانقسامات الإيديولوجية والسياسية والقطاعية بين أعضائها لفترةٍ طويلةٍ من الزمن.
وبالإضافة إلى بناء التحالفات، فإن هذه الاختلافات تضع الجهات الفاعلة في مواجهةٍ مباشرةٍ مع بعضها البعض. على سبيل المثال، قد تدعم المجتمعات الريفية عمليات إزالة الغابات لإنشاء أراضٍ زراعية وتأكيد حقوق الأراضي لتأمين سبل العيش الزراعية، في حين قد يطرد دعاة الحفاظ على البيئة المجتمعات الريفية، ويقوّضون سبل العيش التقليدية باسم حماية الأنواع والموائل. يُظهر عمل أميتا بافيسكار عن "النزعة البيئية البرجوازية" كيف يمكن للنخب الحضرية والممتلكة والمحترفة أن تفرض تصورها الجمالي عن المدن "النظيفة" على مشاريع التخطيط الحضري بطرقٍ لا تستبعد الفقراء والمهمشين فحسب، بل تضعهم أيضًا في الطرف المتلقي لأنماط الهدم والإزالة العنيفة. تجادل نورا وهبي في بحثها عن استخدام المياه في مختلف محافظات القاهرة، بأن التعريف الخاص للطبيعة الذي وضعته الطبقة البرجوازية الجديدة وحركات المجتمع المدني المستلحقة – التي تركز على أهداف مثل إعادة التدوير وتنظيف النيل – يعمل على تقويض أشكال الاحتجاج الشعبية المحلية ضد أضرار الدولة وإهمالها في توفير المياه. وبالعودة إلى مثال لبنان، تبيّن شمص كيف أن إيمان الناشطين المحترفين الخيالي بقوة الضغط على الدولة اللبنانية تصادم مع سكان الأحياء المتضررة في "دعواتهم المتكررة إلى اتباع نهجٍ تخريبي للمطالبة بحقوقهم (إغلاق واحتلال الشارع، ومقاطعة الضرائب البلدية)". في البصرة، كما تلاحظ طيف الخضيري، وفي خطوة نحو "تنظيف" المدينة وإنشاء "مساحات خضراء"، هدمت الحكومة المحلية العشوائيات التي نشأت من الهجرة من مدنٍ أخرى في الجنوب بسبب الضغوطات الناجمة عن المناخ وتدمير 47 مليون فدان من الأراضي الزراعية منذ عام 2012.
5.2. الميزات التنظيمية
إن الهيكل التنظيمي أمر بالغ الأهمية للتعبئة وللتغلب على التباينات الخطيرة في السلطة في السعي إلى التغيير السياسي والاقتصادي، كما تُظهر الأدبيات الضخمة حول نظرية الحركات الاجتماعية. فخلال الانتفاضات العربية التي بدأت عام 2011، كانت مسألة التنظيم حاسمة لنجاح التعبئة على المدى الطويل. وكانت الشبكات الأفقية للحراك، ولا سيما غياب الهياكل التنظيمية المركزية، مناسبة تمامًا لمرحلة الاحتجاجات الجماهيرية في الفترة التي سبقت الإطاحة بمبارك. ومع ذلك، ثبت أنها كانت مقيدة في المراحل اللاحقة، فأصبحت المجموعات عبارة عن "منظمي أحداث للتجمعات والمسيرات بدلًا من أن تكون أماكن لبناء استراتيجيات طويلة الأجل قائمة على الجماهير". وتفسر الهياكل التنظيمية المختلفة للعمال في مصر وتونس اختلاف النتائج المتباينة في الانتقال إلى الديمقراطية الإجرائية.
في الأدبيات المتعلقة بالحركات البيئية، أكد الباحثون الحاجة إلى السيولة التنظيمية التي تنطوي على القدرة على التشبيك وبناء التحالفات مع الحركات الاجتماعية الأخرى، على الصعيدين الوطني والدولي، أو تعزيز مشاركة أفراد المجتمع المحلي. وتظهر عدة حالات لحملات محددة تجاوزت فائدتها الاحتجاجات المحلية إلى السعي إلى التضامن الدولي. ويعزو منظمو حملة "أنقذوا وادي بسري" في لبنان الفضل إلى احتجاجات المغتربين اللبنانيين في مقر البنك الدولي لإعلانه تعليق قرض للدولة اللبنانية لبناء سد في وادي بسري في لبنان. هذا الدرس يتكرر في كل مكان. تقول الحركات المناهضة للاستخراج في كولومبيا إن التواصل مع النشطاء في المملكة المتحدة سمح لهم بتنظيم احتجاجات في لندن لإيصال صوت المجتمعات المحلية في مقرات شركات التعدين متعددة الجنسيات.
وفي الوقت نفسه، تُظهر دراسات حالة أخرى كيف خلقت شبكات العلاقات الاجتماعية الكثيفة قوة اجتماعية ومكّنت من تعبئة الحركات الاحتجاجية البيئية، على الرغم من وجود عوامل أخرى لا تساعد في التعبئة. إن تحقيق التوازن بين الحفاظ على شبكات كثيفة تسهل الثقة – التي تشتد الحاجة إليها في السياقات القمعية – والحاجة إلى تنمية التحالف، هو تحدٍ شائع للحركات يمكنه أن يخلق حالات متناقضة. على سبيل المثال، في لبنان، كانت شبكات النشطاء الصغيرة ذات الروابط القوية التي جرت تنميتها بعناية مع مرور الوقت حاسمة في الحفاظ على النشاط بسبب الشعور بالإنجاز والإشباع والمتعة التي يستمدها أعضاؤها. غير أن هذه الديناميات نفسها جعلت العمل الائتلافي عبر الروابط الأضعف وفي مساحات أقل حميمية أقل متعةً واعتُبر غزوًا أو تعطيلًا.
وبالتالي، ينبغي أن يأخذ رسم خرائط العمل البيئي في الحسبان أيضًا المسائل التنظيمية، مثل:
- ما هي أنواع شبكات التنظيم التي تقوم عليها الحركة أو العمل البيئي؟
- ما هي القوى المعادية للسيولة التنظيمية (مثل هياكل التمويل الجامدة)؟
- إلى أي مدى يتجزأ النظام البيئي من الناحية التنظيمية؟
- ما هي الظروف التي تمكن فيها أنصار البيئة من تشكيل تحالفات مع الشبكات التقدمية الأخرى، من الشبكات النسوية إلى جماعات حقوق الإنسان؟
- ما هي الظروف التي تمكن فيها أنصار البيئة من تشكيل تحالفات مع الجمعيات المهنية أو النقابات أو الاتحادات أو النقابات؟
- في الحالات التي تتصادم فيها المطالب البيئية مع الحفاظ على الوظائف، كيف انخرط أنصار البيئة مع النقابات العمالية؟
- إلى أي مدى ترتبط المجموعات البيئية الرسمية بالدوائر الأوسع نطاقًا؟
6. ما هو "النجاح" بالنسبة إلى الحركات البيئية؟
كيف يمكننا تقييم تأثير الحركات البيئية المختلفة؟ تحدد قائمة الأسئلة الآتية – التي تنبثق من تحليل نقدي للحركة البيئية في لبنان – فئات متميزة على المستوى القطري.
- هل أصبحت البيئة محورًا مركزيًا للتعبئة الشعبية؟
- كيف تغيرت الخطابات والروايات حول الطبيعة أو البيئة أو التنمية في هذا السياق؟
- هل سُنّت قوانين بيئية جديدة؟
- هل عُدّلت القوانين الحالية من أجل حماية البيئة بشكلٍ أكبر؟
- هل حدث تغيير نحو تطبيق أكبر لقوانين حماية البيئة؟
- هل تعرقلت خطط القوانين أو مشاريع القوانين التي من شأنها أن تسبب ضررًا بيئيًا؟
- هل المؤسسات التي تحكم السياسة البيئية أكثر شمولية وتشاركية؟
- هل أُحدثت تغييرات في السياسات التي تؤثر على البيئة سواء على المستوى المحلي أو الوطني؟
- هل أُوقفت مشاريع تنموية أو مشاريع بنية تحتية محددة تشكل تهديدات بيئية؟
- هل تقوم الحركات بنمذجة مشاركة بديلة مع الطبيعة – على أساس المعاملة بالمثل أو الإشراف؟ يهدف هذا السؤال إلى التقاط مفهوم للنجاح يتجاوز الفوز أو الخسارة، وبدلاً من ذلك قياس الحركات البيئية من خلال ما إذا كانت تشكل نموذجًا لطرق بديلة للتعامل مع الطبيعة.
- هل تمكن أنصار البيئة من وضع استراتيجيات لحماية أنفسهم؟
وبالإضافة إلى إدراك أن النجاح البيئي يمكن أن يتخذ أشكالاً مختلفة تبعاً للسياق السياسي، من المهم أيضاً فهم النجاح أو الفشل ليس بطريقةٍ ثابتة بل بطريقة ديناميكية. فمن ناحية، وكما تظهر العديد من دراسات الحالة، فإن الإجراءات التي تبدو ناجحة في البداية يمكن أن تكون مؤقتة وأن تنقلب في وقتٍ لاحق. وهذا ما حدث، على سبيل المثال، في احتجاجات النشطاء المناهضين للتكسير الهيدروليكي في الجزائر التي أوقفت مؤقتًا فقط استخراج الغاز الصخري. وعلاوة على ذلك، قد لا تكون بعض المطالب البيئية التي تلبيها السلطات أو صانعو السياسات قابلة للتطبيق من دون تغييرات مؤسسية إضافية. على سبيل المثال، يمكن أن تنجح الحركة في الضغط من أجل آليات تشاركية، لكن هذه الآليات قد تكون مقيدة بشدة إذا لم تتوفر الموارد البشرية اللازمة لتفعيلها (مثل الموظفين للاستجابة لطلبات المواطنين للحصول على معلومات عن المؤشرات البيئية، أو آليات للحفاظ على سرية هوية المبلغين عن الأضرار البيئية). ولذلك، فإن تقييم نجاح الحركة البيئية يتطلب إطارًا زمنيًا أطول من نهاية حملة محددة والاهتمام بالإطار المؤسسي الأوسع الذي يحدث فيه إحراز التقدم الظاهري.
ومن الآثار الأخرى المترتبة على فهم الحركة البيئية بوصفها حركة ديناميكية، الاعتراف باحتمالية أن تكون لبعض الاستراتيجيات عواقب غير مقصودة تكشف عن نفسها لاحقًا لتعمل ضد أهداف حركة معينة. على سبيل المثال، في موزمبيق، استخدمت المجتمعات المحلية والنشطاء المناهضون لعمليات إخلاء الأراضي المرتبطة بمصالح الشركات الاستخراجية القانون القائم لتأمين تعويضات مالية أكبر ومشاركة أكبر في العملية. ومع ذلك، من خلال عدم الاعتراض على الأهداف الأوسع نطاقًا للمشاريع الضخمة التي يتم السعي إلى تحقيقها في موزمبيق، ومع تكثيف عمليات الاستحواذ على الأراضي، فإن استراتيجيات النشطاء هذه تضفي الشرعية أيضًا على معايير التنمية الاقتصادية التي تدعم مطالبات الشركات باستغلال الأراضي، والمنطق الذي يسهّل في النهاية عمليات نقل المجتمعات المحلية. وفي حالات أخرى، حذّر النشطاء أيضاً من أن التعويضات النقدية عن الأضرار البيئية أو فقدان إمكانية الوصول إلى الموارد، على سبيل المثال، توسّع نطاق المنطق الاستعماري لتسليع الطبيعة الذي يؤدي غالباً إلى مزيدٍ من النزاعات التوزيعية بين المجتمعات المحلية والأسر المعيشية (غير المعوَّض عليها).
إن كيفية العمل على إجراء إصلاحات على المدى القصير تحسن الظروف وتخفف الأضرار وتحقق بعض المكاسب، لكنها لا تعيق أهداف الحركة على المدى الطويل، وهو تحدٍ استراتيجي لجميع الحركات الاجتماعية التي تسعى إلى التغيير الشامل اللازم لعالم أكثر عدالة اجتماعيًا واستدامة بيئيًا. في مواجهة هذا التحدي، في السنوات الأخيرة، قامت الحركات الاجتماعية والنشطاء في مجال إلغاء عقوبة الإعدام بإحياء وتفعيل مفهوم "الإصلاحات غير الإصلاحية". فأصبحت الإصلاحات غير الإصلاحية التي صاغها في الأصل الفيلسوف الاقتصادي الفرنسي أندريه غورز في الستينيات، إطارًا شائعًا لتصور التغيير الذي لا يقوّض الأهداف الرئيسية للنضال أو يعوقه في مرحلةٍ لاحقة عبر إعادة ترسيخ وتمكين الهياكل الضارة. وفي ما يأتي قائمة بالمعايير التي قدمها الباحثون والنشطاء لتحديد متى يكون الإصلاح غير إصلاحي:
- هل يوفر الإغاثة المادية أو يحسّن الظروف المادية؟
- هل يضفي الشرعية على نظام نحاول تفكيكه أم يوسّع نطاقه؟
- هل سيتعيّن علينا التراجع عن ذلك لاحقاً؟
- هل تحشد أكثر المتضررين من أجل نضال مستمر؟
- هل يستبعد جزء مهمش بشكل خاص من المجموعة المتأثرة؟
- هل يعترف، بطريقةٍ ما، بالضرر الذي حدث في الماضي؟
- هل يستحوذ على مساحة يمكن من خلالها تفعيل علاقات اجتماعية جديدة؟
- هل ينشر الوعي بأفكاره؟ (تشاركية وليست سلبية)
- هل كان التكتيك فعالاً في فضح أو مواجهة نقطة معينة داخل النظام إما بتقليص شرعيته الأخلاقية أو تقويض وظائفه؟
- هل تحول أي سلطة أو موارد إلى أيدي المجتمعات التي تطالب بالتغيير؟
- هل تخلق مساحة للتجريب؟
- هل نحن قادرون على تجربة شيء جديد أو مختلف نتيجة لذلك؟
تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.