مقدمة
يشير الواقع الحالي للنساء والفتيات في مناطق مختلفة من العالم، إلى كونهن الضحايا الأبرز والأكثر تضررًا بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء قبل النزاعات المسلحة أو أثناءها أو بعدها. وقد بات من المؤكد بعد مرور أكثر من عشرين عاماً على صدور القرار الأممي (1325)، والذي جاء في إطار الإقرار الدولي، بأن أجندة النساء والسلام والأمن، هي حجر الأساس لبناء مجتمعات إنسانية أكثر عدلاً وازدهاراً. إلا أن الكلمات التي تضمنها هذا القرار كانت غير كافية لتحقيق ذلك، حيث أثبتت السنوات العشرين الماضية، أن الجهود المبذولة من قبل الدول، لم تصل إلى ضمان عالم يسوده العدل والمساواة بين الجنسين؛ ولم تنجح الخطابات التي تُطلق في أروقة وقاعات الأمم المتحدة حتى اللحظة في إحداث تأثير إيجابي على التجارب المعاشة للنساء والفتيات في مناطق عدة في العالم.
ولا يختلف واقع المنطقة العربية كثيراً خصوصاً في دول ما يعرف بالربيع العربي؛ والتي شهدت ولا تزال انقسامات، وحروباً أهلية، وكانت النساء والفتيات والأطفال من كلا الجنسين هن/هم الضحايا لها. ولا يمكن تناول واقع التجربة الفلسطينية بمنأى عن السياق الاستعماري الاستيطاني الاحتلالي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي بحق النساء الفلسطينيات، في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، سواء كانت في الضفة الغربية، أو القدس، أو قطاع غزة، وإن أخذت أشكالاً مختلفة بين تلك التجمعات الفلسطينية. إضافة إلى واقع الانقسام السياسي الفلسطيني، وما خلّفه من آثار كارثية على كافة المستويات في الواقع الفلسطيني، وخصوصاً في ضوء ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وتراجع منظومة السلم الأهلي، وافتقار صانع السياسات الفلسطيني إلى القدرة على وضع السياسات والإجراءات الواجبة لتفعيل القرار 1325 في أراضي السلطة الفلسطينية نتيجة تعطيل عمل المجلس التشريعي؛ والذي انتهت ولايته القانونية وفق القانون نتيجة الانقسام السياسي.
وعلى اعتبار أن فلسفة بناء المعرفة تعمل – في أحد جوانبها - من أجل رؤية العالم وفهمه بعيون النساء اللواتى يعانين من التمييز؛ من خلال دمج المعرفة النظرية بالممارسة، وعلى قاعدة بناء المعرفة استنادًا إلى أن واقع تجارب النساء المعاش هو القادر على معالجة نتاجات وآثار الإشكالية القائمة المتمثلة في إقصاء النساء عن مجالات مختلفة. كما وتعتبر التجارب الملموسة للنساء هي التي تقدم المصداقية في تقصّي الحقائق. وقد قمنا بدراسة وتحليل القرار 1325 بعيون النساء في هذه الدراسة؛ والتي تناقش واقع هذا القرار في الأراضي الفلسطينية؛ وتسلّط الضوء بشكل واضح على المبادئ الأربعة التي أقرها القرار والمتمثلة بــــــ (الحماية والإنعاش والمساءلة والمشاركة السياسية).
تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.