في مواحهة التلاعب وحتى التدخل والسيطرة التامة من قبل الكثير من الحكومات، أطلق المشرعون والقضاة في العديد من الدول العربية حملات لتعزيز استقلال الاجهزة القضائية ولحماية مصداقية وهيبة اعضائها. لقد أثبتت دول المنطقة انها قادرة على ضمان قوانين عادلة عندما يتعلق الامر بالساحة الاقتصادية وخاصة في المجال التجاري والاستثماري. الا أن هذه الحكومات لم تنجح في ان تضمن لمواطنيها نفس المستوى من التوقعات والنزاهة عندما يتعلق الامر بالقانون الجنائي أو القانون المدني. والواقع أن ثمة ضعفا في الدفاع عن الحقوق التي يكفلها الدستور. وتعمل المحاكم الأمنية من دون مساءلة في الكثير من الدول. وإلى جانب العيوب الخطيرة في التشريع، يسهم تدخل الحكومة في تقويض استقلالية القضاء. ومع مرور الوقت، أصاب الضعف القطاعات القضائية وترك ممثليها بدون المهارات المطلوبة للقيام بمسؤولياتهم وللدفاع عن مهنتهم.
ما بين الاعوام 2011 و2014، سعت مبادرة الإصلاح العربي بالتعاون مع عضو المبادرة مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية في المغرب (CERSS) إلى تعزيز النظام القضائي المغربي من خلال مراجعة الانظمة المعمول بها وتقديم توصيات بالإصلاح وتطوير برنامج إصلاح من خلال عملية تشاركية. وتضمّن المشروع أبحاثا متنوعة في مجالات متعددة في قطاع القضاء المغربي. وكانت الدراسات موجهة، من بين مواضيع أخرى، إلى مواضيع المجتمع المدني والإصلاح القضائي، الحوار الوطني حول إصلاح النظام القضائي، الجوانب السياسية لإصلاح النظام القضائي.
اضافة إلى ذلك، تم تنظيم ورشتي عمل وحوار حول السياسات كجزء من عملية تشاركية بهدف تحديد اهتمامات أصحاب المصلحة الرئيسيين، إطلاق نقاش عام، بناء توافق في الآراء والمساعدة في تحديد برنامج عمل شامل. وكان من بين المشاركين أعضاء من المجتمع المدني وخبراء بمن فيهم أعضاء من جمعية "العدالة من اجل الحق في المحاكمات العادلة" ومؤسسة الشفافية الدولية. شملت المواضيع التي تمت مناقشتها أهمية إصلاح قطاع القضاء ودور إدارة قطاع القضاء وتجربة المجتمع المدني في عملية الحوار الوطني والرؤى النقدية لقطاع القضاء في المغرب.
واقترح المشروع قوانين تتناول واقع المجتمع الذي تطبق فيه وتشجع المحامين والقضاة ليدافعوا عن المطالب الاجتماعية العريضة ويكونوا مسؤولين تجاهها من اجل العدالة والشفافية. وتمت، اثناء البحث الاساسي، صياغة مقترحات بشأن إقامة أنظمة عدالة مستقلة وشفافة، بينما ساعدت عملية المشاركة في بناء حملة واسعة لتطوير برنامج عمل للإصلاحات التي صاغها المجتمع المدني بدلا من المؤسسات الحكومية وغيرها من الشركاء من الخارج.
ستنشر مبادرة الإصلاح العربي الأبحاث الناتجة عن المشروع في عام 2016.
وأدارت المشروع بسمة قضماني، المديرة التنفيذية.