يتطلّع برنامج الحماية الاجتماعية الخاص بمبادرة الإصلاح العربي إلى منطقة عربية يتمتّع فيها جميع الناس، بغض النظر عن هوياتهم، بالحماية الاجتماعية التي تضمن وصولهم إلى السلع والخدمات الأساسية اللازمة لتحقيق رفاههم ومستوى لائق لمعيشتهم، إذ لذلك دور مهم في منح كلّ أفراد المجتمع الفرصة اللازمة للازدهار والمساهمة كأعضاء فاعلين في المجتمع. بدأ هذا البرنامج في العام 2020 كمشروع تقوده مجموعة عمل من ثماني منظمات تترأسها مبادرة الإصلاح العربي وتسعى إلى رصد وتوثيق وتحليل الآثار الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كوفيد-19 وتداعياتها في المنطقة العربية. ونظراً لكون الجائحة قد كشفت عن قصور نظم الحماية الاجتماعية التي عانت منها المنطقة لفترة طويلة وفاقمت من هشاشة هذه النظم، تم إنشاء هذا البرنامج بهدف الجمع بين الباحثين والممارسين والناشطين المهتمين بابتكار حلول سياساتية تدعم إصلاح برامج وسياسات الحماية الاجتماعية القائمة وتعزز من شموليتها، إذ ان ذلك ضرورياً للتخفيف من حدة الفقر وتعميم الضمان الاجتماعي والإنصاف على كافة المجتمعات العربية. ويهدف البرنامج من خلال هذه المساعي إلى وضع النقاش حول تبني سياسات اجتماعية أكثر شمولاً في صلب استراتيجيات التعافي بعد كوفيد-19 والجهود المتضافرة لخطط "إعادة البناء بشكل أفضل" في ظلّ العدد الكبير من الأزمات والصراعات التي تعاني منها البلدان العربية.

إن مقاربتنا إزاء الحماية الاجتماعية هي مقاربة قائمة على مبادئ حقوق الإنسان، إذ نعتبر الحماية الاجتماعية المسؤولية الرئيسية للدولة، وتجلياً للعقود الاجتماعية التي تربط المواطنين والمقيمين بدولهم. ونرفض نهج المساعدات الإنسانية إزاء الحماية الاجتماعية والذي يعتبرها في المقام الأول أداة أو خدمة أو معونة. ونصر على أهمية أن تضمن جميع الجهات الفاعلة التي تقدم المساعدات الإنسانية في أوقات الأزمات والطوارئ كون المساعدات التي تقدمها مكمّلة لخطط الحماية الاجتماعية السائدة، وأن تكون تدخلاتها متكاملة قدر الإمكان، كما وأن تغطي المستفيدين المستبعدين من الخطط الحالية. وعليه، يعالج برنامجنا المسألة قيد الدرس بالرجوع إلى العقود الاجتماعية الضعيفة أو غير الموجودة في المنطقة وكيفية تشكيلها لأنظمة الحماية الاجتماعية العربية غير الفعالة وغير المستدامة وبالتالي العاجزة عن تحصين الناس من الآثار السلبية على سبل عيشهم على خلفية الصدمات السياسية أو الاجتماعية والاقتصادية المتنوعة التي تطال العديد من البلدان العربية بشكل متكرر.

وتحقيقا لهذه الغاية، تتمحور أجندة البرنامج البحثية حول أربع ركائز أساسية:

  • ما هي الأولويات لجهة توسيع نطاق تغطية الحماية الاجتماعية في الوقت الحاضر؟ وعلى وجه الخصوص، ما هي الإصلاحات السياساتية والبرنامجية والمؤسساتية والقانونية والتشريعية اللازمة لتحقيق هذا الهدف؟
  • ما هي الإصلاحات المالية وآليات التمويل اللازمة لدعم سياسات وبرامج الحماية الاجتماعية الشاملة التي نطمح إليها؟
  • كيف يمكن التغلب على العوامل السياسية-الاقتصادية والخطوط الحمراء السياسية الكامنة وراء أنظمة الحماية الاجتماعية الهشة في المنطقة العربية؟ كيف يمكن سد الفجوة بين السياسات والسياسة مع العلم أن التغيير السياساتي المنشود يتطلب إرادة سياسية وتغييرا سياسيا جادا وربما هيكليا؟
  • كيف يمكن للمبادرات البحثية أن ترافق وتعمل مع الحركات الاجتماعية المطالبة بأنظمة حماية اجتماعية شاملة في المنطقة؟

وفيما نتناول هذه الأبعاد، ننظر إلى التقاطع بين السياسة الاجتماعية والاستجابات الأخرى لأزمات وقضايا مختلفة تعاني منها السياقات العربية المستهدفة. كما نتعمق في فهم خصوصيات العديد من الفئات الاجتماعية الضعيفة والمهمشة، وندقق في دراسة حالات محددة لمجموعة متنوعة من القطاعات وأسواق العمل والبرامج أو التدخلات. ونحاول كذلك اقتراح بدائل تمتد على حزمة واسعة من أشكال الحوكمة الوطنية والمحلية وحتى الحوكمة على المستوى الجزئي/التنفيذي أكثر. نحقق أيضاً في الوجوه المتعددة للنشاطية المجتمعية المتعلقة بسياسات الرعاية الاجتماعية وكذلك العوامل السياسية والاجتماعية الكامنة وراء مثل هذا النشاط الجماعي. وننظر بتمعن في الإملاءات  الخارجية التي تتدخّل في تشكيل السياسات الاجتماعية في دولنا، بما في ذلك دور المؤسسات المالية الدولية وأثر الأزمات والصراعات الخارجية. ذلك ونحن ندرك أن نظم الحماية الاجتماعية ليست كافية وحدها لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعيتين؛ فيحتاج هذين الهدفين الساميين إلى نماذج اقتصادية وتنموية بديلة تلتزم بجميع جوانب وأهداف الأجندة التنموية لعام 2030، بحيث تكون جميع السياسات العامة والأطر القانونية عادلة ومستجيبة لمختلف أشكال الضعف والتهميش الاجتماعيين. عندئذ فقط يمكن لنظم الحماية الاجتماعية المنشودة أن تكون مكمّلة بما فيه الكفاية وبالتالي فعالة.

نسعى جاهدين للنهوض بأجندتنا البحثية هذه من خلال:

  • تنفيذ، تشجيع، وتسهيل إنتاج وتحليل ونشر معرفة متعددة التخصصات/الأدبيات حول الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية.
  • تسهيل التبادل بين الجهات الفاعلة المتعددة في هذا المجال، وإجراء حوارات داخل وبين الدوائر المهنية والسياساتية، بالإضافة لزيادة الوعي حول القضية المطروحة عند الجمهور العام على نطاق أوسع.
  • دعم والانضمام إلى العمل المدني الجماعي الذي يدفع بجهود التأييد والمناصرة مع أصحاب المصلحة الآخرين وصناع القرار.

تسعى جهودنا إلى توطيد جماعة ممارسة ومعرفة بشأن الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية. وهي جماعة تنطلق من النظام البيئي المهني الموجود حول هذا الموضوع وتنسقه وتوسعه. ولهذه الجماعة رؤية منسقة تمكنها من تفعيل المزيد من الحوار والتبادل والشراكات والتعاون من أجل توحيد الجهود والتمكن من إحداث تأثير أقوى وبالتالي تحقيق أهدافنا المشتركة في نهاية المطاف. وبناءً على ذلك، أطلق برنامجنا "ملتقى المنطقة العربية للحماية الاجتماعية"، وهو مساحة افتراضية يمكن من خلالها للباحثين والناشطين والممارسين المهتمين باستكشاف وطرح والمناصرة من أجل نظم حماية اجتماعية أفضل في الدول العربية بأن يتبادلوا الأفكار وقصص النجاح والدروس المستفادة، فضلا عن منحهم فرص أوسع للمبادرة بأشكال مختلفة من التعاون والشراكات. يحدد هذا البيان المشترك النهج الذي تقترحه جماعتنا لجعل خطط الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية أكثر تكاملا وفعالية وشمولية وقابلية للتطوير، ويوحد نص البيان خطابات أعضاء الجماعة المصادقين عليه حول "بناء أنظمة حماية اجتماعية شاملة في السياقات العربية المضطربة".

الانضمام إلى الرسالة الإخبارية الشهرية للبرنامج وللملخص الإخباري الفصلي الخاص بلتقى المنطقة العربية للحماية الاجتماعية