رويدة كنعان
أنا رويدة كنعان سورية لاجئة في فرنسا، عضوة منتخبة في الأمانة العامة بالحركة السياسية النسوية التي تضم عضوات وأعضاء في مختلف مناطق سوريا ودول الجوار وفي أوروبا وأميركا وكندا ودول أخرى.
في ساعات الزلزال الأولى أدركنا في الحركة حجم الخطر والتحديات الجديدة في بلد أنهكتها الحرب طيلة 12 عام. خاصة أننا اختبرنا السلطة الفاسدة في دمشق التي تعتاش على الكوارث لتستمر في حربها ضد شعبها، أيضا عرفنا واختبرنا فشل المجتمع الدولي في إيجاد حل لكثير من الأزمات في العالم، فما اعتبروه خطأ كان بالنسبة لنا أرواح يمكن لها أن تنجو.
مع هذا كوني بالأمانة العامة بالحركة السياسية، ودورنا سياسي، قمنا بإصدار بيان في الساعات الأولى للزلزال، وأرسلنا رسائل لممثلي/ات دول عربية وأوروبية في الأمم المتحدة نطلب منهم/ن المساعدة في إنقاذ الأرواح في مختلف المناطق السورية المتضررة بالزلزال. أيضاً نظمنا العديد من اللقاءات الثنائية مع سفراء وسفيرات دول في الأمم المتحدة لتشرح لهم عضوات الحركة من المناطق المتضررة في سوريا وتركيا معاناتهن مع تأخر المساعدة، وأن الشعب السوري هو من يحتاج لطوق النجاة وفك العزلة عنه وليس النظام السوري.
كارثة الزلزال أعادت لي وللنساء حولي كل الذكريات السيئة التي عشناها طيلة 12 عاما. أيضاً العديد من صديقاتي وعضوات الحركة تهدمت منازلهن أو تصدعت واضطررن لمغادرة مدنهن.
قدمنا في الحركة السياسية النسوية جلسات دعم نفسي للعضوات بمبادرة من إحدى العضوات. لاحظت أن الزلزال ترك أثره النفسي على الجميع وبشكل خاص على من هنّ خارج تركيا وسوريا، نتيجة إحساسهن بالعجز عن تقديم ما يلبي الاحتياج، فالاحتياجات في المناطق المتضررة تفوق طاقات الأفراد والمنظمات، مع أننا قمنا كأفراد بالتبرع وجمع التبرعات في مدننا الجديدة.
أشارك الأولويات والتوصيات التي ركزنا عليها في الأيام الماضية:
- أنا، بصفتي بالأمانة العامة بالحركة السياسية النسوية، ونحن في الحركة، قلقات بشأن إمكانية النظام السوري على تأهيل نفسه عبر السيطرة على المساعدات المقدمة للشعب السوري.
- نطلب زيادة المساعدات المرتبطة بالإيواء، الخدمات الصحية والإنسانية، واحتياجات النساء، المقدمة لكافة المناطق المتضررة في سوريا، وخاصة شمال وشمال غرب سوريا لأنها المناطق الأكثر ضرراً وإنهاكاً وعزلة. مع خلق آليات مراقبة تمنع النظام من تدوير نفسه.
- ضرورة الإشراف الأممي على المساعدات المقدمة لضمان وصولها إلى مستحقيها في كافة المناطق. لعل هذا الإشراف الأممي يساعد في دخول مسار المفاوضات الجدية المفضية للحل السياسي وإنهاء معاناة السوريين/ات.
- نؤكد على أن تكون الاستجابة مراعية للاعتبارات الجنسانية، من خلال تقديم الدعم للمنظمات النسوية والنسائية، ودعم صحة المرأة بما في ذلك صحة الأمومة والتوليد، وتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي الفوري للنساء والأطفال. وكذلك تنفيذ سياسات الوقاية من التحرش الجنسي، ودعم مبادرات النساء للاستجابة للزلزال.
وفي النهاية نرجو أن يأتي هذا اليوم ويتم محاسبة كل من عرقل وصول المساعدات العاجلة لسوريا وخاصة شمال غرب سوريا.